فيقاتلون به عدوّهم ويقسّمون به فيئهم ، ويقيمون به جمعتهم وجماعتهم ، ويُمنع ظالمهم من مظلومهم.
ومنها : أنّه لو لم يجعل لهم إماماً قيّماً أميناً حافظاً مستودعاً ، لدرست الملّة ، وذهب الدين ، وغيّرت السنن والأحكام ، ولزاد فيه المبتدعون ، ونقص منه الملحدون ، وشبّهوا ذلك على المسلمين ؛ إذ قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتّت حالاتهم (١) ، فلو لم يجعل فيها قيّماً حافظاً لما جاء به الرسول الأوّل لفسدوا على نحو ما بيّنّاه ، وغيّرت الشرائع والسنن والأحكام والإيمان ، وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين.
فإن قيل : فلِمَ لا يجوز أن يكون في الأرض إمامان في وقت واحد وأكثرمن ذلك.
قيل : لعلل ، منها : أنّ الواحد لا يختلف فعله وتدبيره ، والاثنين لايتّفق فعلهما (٢) وتدبيرهما ؛ وذلك إنّا لم نجد اثنين إلاّ مختلفي الهمم والإرادة ، فإذا كانا اثنين ثمّ اختلفت هممهما وإرادتهما وكانا كلاهما مفترضي الطاعة ، لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه ، فكان يكون في ذلك اختلاف الخلق والتشاجر والفساد ، ثمّ لا يكون أحد مطيعاً
__________________
(١) في «ح ، ن ، ع ، س» وحاشية «ش» : أنحائهم.
(٢) ورد في حاشية «ل» : لعلّ المراد نفي إمامة من كان في عصر أئمّة الضلال إذ كانت آراؤهم مخالفة لآراء أئمّتنا ، وأفعالهم مناقضة لأفعالهم ، أو يكون إلزاميّاً على العامّة إذ هم قائلون باجتهاد النبيّ والأئمّة ، وفي الاجتهاد يكون الاختلاف كما يقولون في عليٍّومعاوية ، ثمّ اعلم أنّ المراد الإمامان على طائفة واحدة أو الإمام الذي يكون له الرئاسة العامّة ، وإلاّ فالأنبياء الكثيرون كانوا في بني إسرائيل في عصر واحد. (م ق ر رحمهالله).