أولادهم إذاكانوا مؤمنين ، فيصيروا أولاد الرسول تابعين ، وأولاد أعداء الله وأعداء رسوله متبوعين ، فكان الرسول أولى بهذه الفضيلة من غيره وأحقّ.
ومنها : أنّ الخلق إذا أقرّوا لرسوله وأذعنوا له بالطاعة لم يتكبّر أحد منهم عن أن يتبع ولده ويطيع دولته (١) ولم يتعاظم ذلك في أنفس الناس ، وإذاكان في غير جنس الرسول كان كلّ واحد منهم في نفسه أولى به من غيره ، ودخلهم من ذلك الكبر ولم تسخُ أنفسهم بالطاعة لمن هو عندهم دونهم ، فكان يكون في ذلك داعية لهم إلى الفساد والنفاق والاختلاف.
فإن قال قائل : فلِمَ وجب عليهم الإقرار والمعرفة بأنّ الله واحد أحد ؟
قيل : لعلل منها : أنّه لو لم يجب ذلك عليهم لجاز لهم أن يتوهّموا مدبّرين ، أو أكثر من ذلك ، وإذا جاز ذلك لم يهتدوا إلى الصانع لهم من غيره ؛ لأنّ كلّ إنسان منهم لا يدري لعلّه إنّما يعبد غير الذي خلقه ويطيع غير الذي أمره ، فلا يكونوا على حقيقة من صانعهم وخالقهم ، ولا يثبت عندهم أمر آمر ، ولا نهي ناه ؛ إذ لا يعرف الآمر بعينه ولا الناهي من غيره.
ومنها : أنّه لو جاز أن يكون اثنين لم يكن أحد الشريكين أولى بأن يُعبدو يُطاع من الآخَر ، وفي إجازة أن يطاع ذلك الشريك إجازة أن لايطاع الله ، وفي أن لا يطاع الله الكفر بالله وبجميع كتبه ورسله وإثبات كلّ باطل ، وترك كلّ حقّ ، وتحليل كلّ حرام ، وتحريم كلّ حلال ، والدخول في كلّ معصية ، والخروج من كلّ طاعة ، وإباحة كلّ فساد ، وإبطال كلّ حقّ.
ومنها : أنّه لو جاز أن يكون أكثر من واحد لجاز لإبليس أن يدّعي أنّه ذلك الآخَر حتّى يضادّ الله في جميع حكمه ، ويصرف العباد إلى نفسه ،
__________________
(١) في المطبوع : ذرّيّته ، وهو نسخة بدل في «ل».