الفساد والتغاصب .
فإن قال قائل : لِمَ تعبّدهم ؟
قيل : لئلاّ يكونوا ناسين لذكره ، ولا تاركين لأدبه ، ولا لاهين عن أمره ونهيه ؛ إذ كان فيه صلاحهم وفسادهم وقوامهم ، فلو تركوا بغير تعبّد لطال عليهم الأمد وقست قلوبهم.
فإن (١) قيل : فلِمَ اُمروا بالصلاة (٢) ؟
قيل : لأنّ في الصلاة الإقرار بالربوبّية ، وهو صلاح عام ؛ لأنّ فيه خلع الأنداد ، والقيام بين يدي الجبّار بالذلّ والاستكانة والخضوع والاعتراف ، والطلب في الإقالة من سالف الذنوب ، ووضع الجبهة على الأرض كلّ يوم ؛ ليكن (٣) ذاكراً لله غير ناس له ، ويكون خاشعاً وجلاً متذلّلاً طالباً راغباً مع الطلب للدين والدنيا بالزيادة مع ما فيه من الانزجار عن الفساد جدّاً ، وصار ذلك عليه في كلّ يوم وليلة ؛ لئلاّ ينسى العبد مدبّره وخالقه فيبطر (٤) ويطغىوليكون في ذكر خالقه والقيام بين يدي ربّه زاجراً له (٥) عن المعاصي وحاجزاً ومانعاً عن أنواع الفساد.
__________________
(١) في المطبوع : وإن.
(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : إمّا لأنّ الصلاة مشتملة على الإقرار بالربوبّية في «ربّ العالمين» ، والتوحيد في «التشهّد» ، والإخلاص في «إيّاك نعبد وإيّاك نستعين» ، وإمّا لأنّ أصل عبادته تعالى دون غيره خلع للأنداد ، وإقرار بالربوبيّة ، وكذلك الطلب في قوله : الطلب للدين والدنيا والطلب في الإقالة. (م ق ر رحمهالله ).
(٣) في «ج ، ل ، س ، ع» : ويكون.
(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : البطر : الطغيان بالنعمة وكراهة الشيء من غير أن يستحقّ الكراهة . القاموس المحيط ٢ : ٢١ / بطر.
(٥) ورد في «ج ، ل» : زجراً له ، وفي هامشهما كما في المتن.