والمغرب قبلة (١).
وكيف كان فدليلهم على الإطلاق : المستفيضة الآتية المصرّحة بوجوب الإعادة في الوقت على من صلّى إلى غير القبلة (٢).
ويجاب عنها : بأنّها وإن كانت أخص من الصحيحة باعتبار الوقت ، ولكنها أعم منها باعتبار قدر الانحراف ، فإن الصحيحة لا تشمل المتجاوز عن حدّ التشريق والتغريب بل إليهما عرفا أيضا.
فإن رجّحنا الاولى باعتبار الاعتضاد بالإجماعات المحكية الصريحة المستفيضة ، وإلاّ فيرجع إلى الأصل ، وهو مع الأولى ، لأصالة عدم وجوب الإعادة ، وارتفاع الاشتغال بحصول الامتثال ، لكونه متعبدا بظنّه ، فما أتى به موافق للمأمور به وهو موجب للإجزاء.
وتوهّم أنّه موجب للإجزاء لذلك المأمور به دون غيره ، مندفع : بأنه ليس هنا إلاّ أمر واحد ، وهو الأمر بالصلاة إلى القبلة بحسب اعتقاده ، وما أتى به مجز عن ذلك الأمر وليس غيره ، واختلاف ظنّه إنّما هو في تعيين القبلة دون أمر آخر ، فلم يحصل من تعبده بظنه أمر وتكليف على حدة كما مرّ في بحث الوقت.
ثمَّ مرادنا من المشرق والمغرب هنا اليسار واليمين للقبلة وإن عبّرنا بهما تبعا للفاضلين (٣) وجمع ممّن تأخّر عنهما (٤). وأمّا من تقدّم عليهما فلم أر من ذكر المشرق والمغرب ، بل في الناصريات والاقتصاد والخلاف والجمل والعقود والمصباح
__________________
(١) وربما يؤيّد ذلك بنقل الشيخ في التهذيب صحيحة ابن عمار المتقدمة من جملة أدلة ما أطلقه في المقنعة من غير تعرض لتوجيه أو تأويل ، التهذيب ٢ : ٤٨ ـ ١٥٧ ، منه رحمهالله.
(٢) انظر ص ٢١٠.
(٣) المحقق في المعتبر ٢ : ٧٢ ، والنافع : ٢٤ ، والعلامة في المنتهى ١ : ٢٢٣.
(٤) انظر التنقيح ١ : ١٧٧ ، وروض الجنان : ٢٠٣ ، ومفاتيح الشرائع ١ : ١١٤.