وأمّا الثاني : فللشهرة المحكية في كلام بعض مشايخنا المحدّثين عليه (١) ، وإطلاق حديث المناهي ، ورواية ابن ظبيان : « نهى أن يصلّى على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه » (٢).
والنهي فيهما وإن كان حقيقة في التحريم إلاّ أنه يحمل فيهما على الكراهة لئلاّ يلزم استعمال اللفظ في معنييه ، لعدم حرمة التجصيص والقعود والبناء إجماعا ، مضافا إلى عدم قول بالحرمة هنا قطعا.
وبه يدفع دلالة النهي عن جعل القبر مسجدا عليها أيضا مع إمكان حمله على جعله محل السجدة للقبور.
وأمّا الثالث : فلما مرّ من الشهرة المحكية.
وقد يتمسّك له بالموثّقة.
وهي أخصّ من المطلوب ، لدلالتها على المنع مع تعدّد القبور وصدق الوقوع بينها.
وعن الصدوق والمفيد والحلبي فيه التحريم (٣) ، ويعزى إلى المعتبر أيضا (٤) ، للصحيحين المتقدّمين المانعين عن اتّخاذ القبر قبلة ، والموثّقة المتقدّمة ، وحديث المناهي ، ورواية ابن ظبيان.
ويجاب عن الأوّلين : بمنع كون التوجّه إلى القبر لا بقصد استحقاقه لذلك اتّخاذه قبلة ، ولذا لا يقال لمن يصلّي وقدّامه جدار : إنّه اتّخذه قبلة ، بل الظاهر منه جعله مثل الكعبة مستقلا أو مشاركا معها.
__________________
(١) الحدائق ٧ : ٢١٦.
(٢) التهذيب ٣ : ٢٠١ ـ ٤٦٩ ، الاستبصار ١ : ٤٨٢ ـ ١٨٦٩ ، المقنع : ٢١ ، الوسائل ٥ : ١٦٠ أبواب مكان المصلي ب ٢٥ ح ٨.
(٣) المعتبر ٢ : ١١٥.