وأمثال ذلك كذا في شرح المقاصد. (١)
ثمّ إنّ الشارح العلاّمة ـ رحمهالله ـ حمل كلام المصنّف هاهنا على اختيار مذهب الأشاعرة والإشارة إلى الاستدلال المذكور ، فقال : « يريد بيان أنّه تعالى قادر على كلّ شيء وهو مذهب الأشاعرة ، وخالف أكثر (٢) الناس في ذلك ـ ثمّ ذكر مقالاتهم ، ثمّ قال ـ : وهذه المقالات كلّها باطلة ؛ لأنّ المقتضي لتعلّق القدرة بالمقدور إنّما هو الإمكان ؛ إذ مع الوجوب والامتناع لا تعلّق ، والإمكان مساو في الجميع ، فثبت الحكم وهو صحّة التعلّق. وإلى هذا أشار المصنّف بقوله : « وعموميّة العلّة » أي الإمكان « تستلزم عموميّة الصفة » أي القدرة. انتهى. (٣)
وأنا أقول : إنّ هاهنا مقامين :
أحدهما : أنّ الله تعالى قادر على كلّ ممكن سواء تعلّقت به القدرة فوجد ، أم لا فلم يوجد ، أو وجد بقدرة مخلوق. وهذا هو الذي حملنا كلام المصنّف عليه. والقول بعموم القدرة بهذا المعنى غير مختصّ بالأشاعرة ، بل أكثر الملّيين قائلون به كما ستعلم عن قريب إن شاء الله.
والثاني : أنّه تعالى قادر على كلّ مقدور. وهذا أخصّ من الأوّل ؛ لجواز أن يكون من الممكن ما ليس بموجود فضلا عن أن يكون مقدورا لقادر.
وهذا المقام الثاني قد يفسّر بأنّ كلّ ما يوجد من الممكنات فهو معلول له تعالى بالذات ، أو بالواسطة ، وهذا ممّا لا نزاع فيه لأحد من القائلين بوحدة الواجب ، وإنّما الخلاف في كيفيّة الاستناد ووجود الوسائط وتفاصيلها ، وأنّ كلّ ممكن إلى أيّ
__________________
(١) « شرح المقاصد » ٤ : ١٠١.
(٢) وهي الفلاسفة ، قالوا : إنّ الله قادر على شيء واحد. والمجوس ذهبوا إلى أنّ الخير من الله والشرّ من الشيطان ، والثنويّة إلى أنّ الخير من النور والشرّ من الظلمة ، والنّظام إلى أنّ الله لا يقدر على مثل مقدور العبد ، والجبائيان إلى أنّه تعالى لا يقدر على عين مقدور العبد. ( منه رحمهالله ).
(٣) أي كلام العلاّمة قدسسره في « كشف المراد » : ٢٨٣.