الخارج. ففيه أنّ المغايرة الاعتباريّة إنّما تتحقّق وتؤثّر حيث يعتبرها العقل ويتمايز المتغايران فيه فحيث لا عقل ولا ذهن ، فلا أثر لها أصلا.
ويرد عليهم أيضا عدم كون صفة العلم عين ذاته. وما قيل في توجيه كون صفاته تعالى عين ذاته : إنّ الصفة هاهنا بمعنى الخارج المحمول كالعالم والقادر والمريد وحينئذ فلا امتناع في كون العالم عين ذاته وإن كان العلم زائدا عليه ، فمشترك بين الواجب وغيره ؛ فإنّ صفات جميع الأشياء عين ذاته بهذا الوجه ، على ما ذكره المحقّق الدواني (١).
وقد تدفع هذه الشناعة عنهم بأنّ العلم الفعليّ له صورتان :
إحداهما أن يكون العلم من أسباب وجود المعلوم بالذات ، وهو الظاهر المشهور.
وثانيتهما أن يكون ذات العالم سببا لوجود المعلوم بالذات كما في الصورة المخترعة للعالم ؛ فإنّ نفس وجودها عنه نفس معلوميّتها له بالذات ، وذات الواجب بالنسبة إلى أعيان الموجودات من هذا القبيل ، فكما أنّ العالم يعلم الصورة الذهنيّة باختراعها ، يعلم الواجب العينيّ (٢) الخارجيّ بإيجاده ، والعلم بالصورة حصولا (٣) وبالعيني حضورا (٤) كلاهما فعليّ ، ولا يلزم الإيجاب بناء على كون مقارنة الشعور كافية في الفعل الاختياري على ما مرّ.
وفيه : أنّه على تقدير التسليم يلزم أن لا يكون صدور الموجودات عنه تعالى على نحو العناية والتدبير ؛ إذ لا يصدق حينئذ أنّها لمّا علمت خيرا وجدت ، بل لمّا علمت علمت ، أو لمّا وجدت وجدت ، والتغاير الاعتباريّ بين المعلوميّة والوجود قد عرفت أنّه لا جدوى له هاهنا ، وفساد هذا اللازم ليس بأقلّ من مفسدة الإيجاب ، بل هو عينها عند التحقيق كما لا يخفى على الخبير.
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) في « شوارق الإلهام » : « العين الخارجيّ ».
(٣) في المصدر : « بالصورة حقيقة حصولا ».
(٤) في « شوارق الإلهام » : « وبالعين حضورا ».