أن يكون علمه كلّيّا بأسباب الشيء ولوازمه ، فلا يتغيّر (١). انتهى.
واعلم أنّه كما أنّه من هذا الطريق بتصحّح العلم بالجزئيّات المتغيّرة ، كذلك يتصحّح العلم بالجزئيّات المتشكّلة أيضا ؛ فإنّ إدراك المتشكّلات ـ إذا لم يكن من سبيل الجزئيّة المستندة إلى الإشارة والإحساس ، بل من سبيل التخصيص بصفات مستندة إلى مبدأ نوعه في شخصه ـ لا يستدعي الانطباع في آلة جسمانيّة.
واعلم أيضا أنّه لا يخرج من هذا الطريق عن إحاطة علمه تعالى شيء جزئيّ ، بل نفي علمه تعالى عن الجزئيّات على وجه الجزئيّة عبارة عن نفي الإحساس بها عنه تعالى كما هو الظاهر ، بل الصريح من كلام الشيخ ، ولا يلزم من نفي الإحساس بالشيء نفي العلم به.
فلا وجه لما أورده المصنّف في شرح الإشارات على الشيخ من أنّ : هذه السياقة قد تشبه سياقة الفقهاء في تخصيص بعض الأحكام بأحكام يعارضها في الظاهر ، وذلك لأنّ الحكم بأنّ العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول إن لم يكن كلّيا ، لم يمكن أن يحكم بإحاطة الواجب بالكلّ ، وإن كان كلّيّا وكان الجزئيّ المتغيّر من جملة معلولاته ، أوجب ذلك الحكم أن يكون عالما به لا محالة ، فالقول بأنّه لا يجوز أن يكون عالما به ؛ لامتناع كون الواجب موضوعا للتغيّر تخصيص لذلك الحكم الكلّيّ بحكم آخر عارضه في بعض الصور ، وهذا دأب الفقهاء ومن يجري مجراهم ، ولا يجوز أن تقع أمثال ذلك من المباحث المعقولة ؛ لامتناع تعارض الأحكام فيها.
فالصواب أن يؤخذ بيان هذا المطلب من مأخذ آخر ، وهو أن يقال : العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول ، ولا يوجب الإحساس به ، وإدراك الجزئيّات المتغيّرة من حيث هي متغيّرة لا يمكن إلاّ بالآلات الجسمانيّة كالحواسّ وما يجري مجراها والمدرك بذلك الإدراك يكون موضوعا للتغيّر لا محالة. أمّا إدراكها على الوجه
__________________
(١) « التعليقات » : ١٤ ـ ١٥.