صفات الفعل دون صفات الذات؟
وذكر محمّد بن يعقوب في الكافي (١) في الفرق بين صفات الفعل وصفات الذات ما حاصله : أنّ كلّ شيئين وصفت الله بهما ، وكانا جميعا في الوجود ـ كما أنّ في الوجود ما يريده وما لا يريده ، وما يرضاه وما يسخطه وما يحبّه ويبغضه ـ فهما من صفات الفعل ؛ فإنّهما لو كانا من صفات الذات كانت الصفات التي هي عين الذات ناقضا بعضها لبعض ، فيكون ما يريده ناقضا لما لا يريده ، وما يسخطه ناقضا لما يرضاه ، وما يبغضه ناقضا لما يحبّه ، وهذا محال.
وكلّ شيئين وصفته تعالى بأحدهما وكان في الوجود ، ولم يكن الآخر في الوجود مثل العلم والقدرة ؛ فإنّ في الوجود ما يعلمه ويقدر عليه ، وليس في الوجود ما لا يعلمه ولا يقدر عليه ، فهو من صفات الذات. هذا ، فإذا كانت الإرادة محدثة ومن صفات الفعل ، فكيف يجوز أن تكون عين العلم القديم الذي هو عين ذاته تعالى (٢)؟!
قلت : لعلّ المراد من الإرادة في تلك الروايات إنّما هو القصد إلى الفعل على ما يفهمه الجمهور من لفظ الإرادة ، والخطاب إنّما معهم ، وعلى هذا فتخلّف المراد عن الإرادة بمعنى القصد نقص وعجز لا يليق بجنابه تعالى ، والمراد حادث ، فيجب كون الإرادة أيضا حادثة لكن نسبة القصد إليه تعالى ليست على الحقيقة ؛ لامتناعه عليه تعالى ، بل بمعنى ترتّب الغاية والأثر ، بمعنى أنّ كلّ ما يمكن أن يترتّب على القصد في غيره تعالى ، فهو مرتّب على ذاته تعالى فقط من غير توسّط القصد على ما قالوا في صفة الرحمة وغيرها ، فإطلاق لفظ القصد والإرادة في حقّه إنّما هو على سبيل التمثيل.
__________________
(١) « الكافي » ١ : ١١١ ـ ١١٢ ، آخر باب الإرادة أنّها من صفات الفعل.
(٢) « عيون أخبار الرضا » ١ : ١٧٩ ـ ١٩١ ، الباب ١٣ ، ح ١.