وتقريره مثل ما مرّ.
الرابع : منهج الحكماء الطبيعيّين ، وهو الذي يكون النظر فيه إلى طبيعة الحركة ، بأن يقال : لا شكّ في وجود متحرّك ، ولا بدّ له من محرّك غير ذاته ؛ إذ حركته أمر ممكن لا بدّ له من علّة لا محالة ، فيجب الانتهاء إلى محرّك غير متحرّك أصلا ؛ دفعا للدور أو التسلسل ، وهو الواجب.
أو يقال : إنّ النفس الناطقة خارجة في كمالاتها من القوّة إلى الفعل ، فلا بدّ لها من مخرج ، ويجب الانتهاء إلى مخرج غير مخرج ؛ دفعا للدور أو التسلسل ، وهو الواجب تعالى.
والمنهج الأوّل أخصر ؛ لكونه أقلّ مقدّمة وأوثق ؛ لكونه أشبه بالبرهان اللمّي ، بل قيل : (١) إنّه برهان لمّي ؛ إذ هو استدلال بحال مفهوم « الموجود » (٢) على أنّ بعض الموجود (٣) واجب ، لا على ذات الواجب في نفسه ، وكون طبيعة الوجود مشتملة على فرد وهو الواجب لذاته ، وهي حال من أحوال تلك الطبيعة ، فالاستدلال بحال تلك الطبيعة على حال أخرى لها معلولة للأولى ، وأشرف المناهج ؛ إذ الوجود منبع كلّ شرافة ، وموجب كلّ إنافة ». (٤)
ثمّ قال : « ويمكن تقرير هذا الدليل بوجوه أربعة :
أحدها : أنّ للموجود أفرادا بالبديهة ، فإن كان واحد منها واجب الوجود بالذات ثبت المطلوب. وإن كان كلّها ممكنا فله مؤثّر موجود بالضرورة ، ولزم الانتهاء إلى الواجب ؛ لاستحالة الدور والتسلسل.
__________________
(١) قال به العلاّمة الحلّي قدسسره في « كشف المراد » : ٢٨٠ والفاضل السيوري في « إرشاد الطالبين » : ١٧٧ ؛ « اللوامع الإلهيّة » : ٧١ ، ونسبه اللاهيجي إلى القيل في « شوارق الإلهام » ٢ : ٤٩٨.
(٢) في « أ » : « الوجود » بدل « الموجود ».
(٣) في « أ » : « الوجود » بدل « الموجود ».
(٤) الإنافة من نوف : الارتفاع.