المشيئة بنفسها ، ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة (١) » ونحوها ممّا يدلّ على أنّ الكلام والإرادة من الصفات الزائدة ، فهي محمولة على زيادة الكلام ، بمعنى إيجاد ما يدلّ على المراد ، أو المتكلّم به ، لا القدرة على إيجاده.
وكذا الإرادة بمعنى القصد والمشيئة ـ كما هو المتعارف في المحاورات العرفيّة ـ لا بمعنى العلم بالمصلحة المقتضي لمشيئة الفعل ، والعلم بالمفسدة المقتضي لمشيئة الترك ، فلا يلزم المخالفة مع ما عليه المتكلّمون من كون الكلام والإرادة من الصفات العينيّة.
وقوله تعالى : ( أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ ) (٢) أو نحوه محمول على نفي المشيئة ، كحمل قوله تعالى : ( وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ ... ) (٣) على عدم حصول الامتياز الخارجيّ ، لا العلم الذاتي الذي هو نفس الذات المتميّز.
فإن قلت : العلم مثلا ـ بمعنى ظهور المعلوم للعالم ، أو انكشافه عنده بالحضور أو الحصول ، أو نحوهما ؛ والقدرة بمعنى التمكّن على الفعل والترك ؛ والحياة بمعنى صحّة الاتّصاف بالعلم والقدرة ونحو ذلك بسبب المصدريّة ، أو نحوها ـ من الأعراض التي لا يمكن أن تكون عين ذات الجواهر الممكنة ، فكيف تصحّ دعوى العينيّة بالنسبة إلى الواجب؟!
قلت : قد تطلق الألفاظ المذكورة على المعنى الوصفيّ والعرضيّ كما ذكر.
وقد تطلق على المعنى الاسميّ ، فالعلم يكون بمعنى منشأ انكشاف الأشياء وسبب ظهورها ، والقدرة بمعنى منشأ التمكّن على الفعل والترك ، والحياة بمعنى منشأ صحّة الاتّصاف بالعلم والقدرة ونحوه ، هي بهذه المعاني في الواجب عين
__________________
(١) « التوحيد » : ١٤٨ باب صفات الذات وصفات الأفعال ، ح ١٩ ؛ « الكافي » ١ : ١١٠ باب الإرادة أنّها من صفات الفعل ... ح ٤.
(٢) المائدة (٥) : ٤١.
(٣) آل عمران (٣) : ١٤٢.