ومنها : أنّه تعالى ليس بجسم ؛ إذ كلّ جسم محتاج إلى الغير وهو مناف لوجوب الوجود ، ويلزم من هذا أنّه تعالى ليس متحيّزا ، واقعا في مكان كما يقوله المجسّمة ؛ تمسّكا بقوله تعالى : ( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) (١) ؛ إذ معنى « استوى » استولى وغلّب للقرينة العقليّة ؛ وكذا إنّه ليس حالاّ في شيء كما يقوله الحلوليّة من الصوفيّة من أنّه تعالى يحلّ في قلوب العارفين ، بل غيرها ، كما حكي عن أبي يزيد البسطاميّ أنّه قال : « ليس في جبّتي إلاّ الله (٢) » وعن النصارى أنّهم قالوا : إنّه تعالى حلّ في عيسى (٣) ؛ وكذا إنّه تعالى ليس له جهة ؛ إذ كلّ ذي جهة إمّا جسم ، أو جسمانيّ ، وكلاهما غير واجب الوجود.
ومنها : أنّه تعالى ليس مركّبا لا من الأجزاء العقليّة ـ أعني الجنس والفصل ـ ولا من الأجزاء الخارجيّة التي هي بإزاء الأجزاء العقليّة ـ أعني الهيولى والصورة ـ والتي هي مقابلة لهما كالعناصر وغيرها ؛ لاستلزام التركيب بجميع أقسامه الاحتياج المنافي لوجوب الوجود.
ومنها : أنّه تعالى ليس ذا شريك ؛ لما سيأتي.
ومنها : أنّه تعالى ليس بمعان بمعنى أنّ الصفات الثمان السابقة ـ أعني العلم والقدرة وغيرهما ـ عين ذاته تعالى ، وليست بمعان زائدة عليه ، قائمة به كما يقوله
__________________
(١) طه (٢٠) : ٥.
(٢) حكاه عنه صاحب المثنويّ في الدفتر الرابع بنحو هذا الكلام. راجع « مثنويّ معنويّ » : ٧٢٦ ـ ٧٢٧ ، الدفتر ٤ ، البيت ٢١١٩ ـ ٢١٢٠. ونقل من دون نسبة إلى قائل معيّن في « مفاتيح الإعجاز في شرح گلشن راز » : ٣١٢ و ٤٧٦. ونسب إلى بعض العرفاء في « شرح منازل السائرين » لعبد الرزّاق الكاشانيّ : ١٨ و ٣٦٨. ونسب إلى أبي سعيد بن أبي الخير في « شرح شطحيات » : ٥٨٢ ، الفصل ٤٦٣ ؛ « مرصاد العباد » : ٣٢١ ، الفصل ١٩ من الباب الثالث.
(٣) « شرح الأصول الخمسة » : ٢٩٢ ـ ٢٩٨ ؛ « نقد المحصّل » : ٢٦١ ـ ٢٦٢ ؛ « كشف المراد » : ٢٩٣ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ؛ « الأربعين في أصول الدين » ١ : ١٦٥ ـ ١٦٧ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٥٧ ـ ٦٠ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٢٩ ـ ٣١ ؛ « إرشاد الطالبين » : ٢٢٧ ؛ « النافع ليوم الحشر » : ١٩ ـ ٢١.