معلّلا بأمر منفصل عن مفهوم الواجب ـ أعني ذات الواجب ـ فلا محذور.
لا يقال : لا انفصال بين ذات الواجب ومفهومه.
لأنّا نقول : فحينئذ يكون شقّا خامسا نختاره في الجواب.
وأيضا : لو كان الواجب أكثر من واحد ، لكان لكلّ منهما تعيّن ضرورة وحينئذ إمّا أن يكون بين الوجوب والتعيّن لزوم ، أو لا ، فإن لم يكن بل جاز انفكاكهما لزم جواز الوجوب بدون التعيّن ، وهو محال ؛ لأنّ كلّ موجود متعيّن ، أو جواز التعيّن بدون الوجوب ، وهو ينافي كون الوجوب ذاتيا ، بل يستلزم كون الواجب ممكنا ؛ حيث تعيّن بلا وجوب.
وإن كان بين الوجوب والتعيّن لزوم ، فإن كان الوجوب بالتعيّن لزم تقدّم الوجوب على نفسه ؛ ضرورة تقدّم العلّة على المعلول بالوجود والوجوب ، وإن كان التعيّن بالوجوب أو كلاهما بالذات لزم خلاف المفروض ، وهو تعدّد الواجب ؛ لأنّ التعيّن المعلول لازم غير متخلّف ، فلا يوجد الواجب بدونه.
وإن كان التعيّن والوجوب لأمر منفصل ، لم يكن الواجب واجبا بالذات ؛ لاستحالة احتياجه في الوجوب والتعيّن ، بل في أحدهما إلى أمر منفصل ، وهو ظاهر.
أقول : قوله : لزم تقدّم الوجوب على نفسه ضرورة تقدّم العلّة على المعلول بالوجود والوجوب ، فيه أنّ تقدّم العلّة على المعلول بالوجود والوجوب إنّما هو على تقدير كون المعلول موجودا خارجيّا والمعلول هنا ليس كذلك ؛ لما سبق من أنّ الوجوب من الأمور الاعتباريّة ، ولو سلّم فالموقوف مغاير للموقوف عليه ؛ لأنّ أحدهما وجوب الذات ، والآخر وجوب التعيّن.
وأيضا قوله : إمّا أن يكون بين الوجوب والتعيّن لزوم أولا ، إن أراد بالتعيّن الواحد المعيّن من التعيّنين ، نختار أن لا لزوم بينه وبين الوجوب.
قوله : بل إن جاز انفكاكهما لزم جواز الوجوب بدون التعيّن. قلنا : ممنوع ، وإنّما يلزم لو لم يكن هناك تعيّن آخر.