واعترض بأنّا لا نسلّم أنّ الخلوّ عن صفة الكمال نقص ، وإنّما يكون لو لم يكن حال الخلوّ متّصفا بكمال يكون زواله شرطا لحدوث هذا الكمال ، وذلك بأن يتّصف دائما بنوع كمال متعاقب أفراده بغير بداية ونهاية ، ويكون حصول كلّ لاحق مشروطا بزوال السابق على ما ذكره الحكماء في حركات الأفلاك ، فالخلوّ عن كلّ فرد يكون شرطا لحصول كمال ، بل الاستمرار كمالات غير متناهية ، فلا يكون نقصا.
وأجيب بأنّ ذات الواجب حينئذ لا يخلو عن الحوادث ، فهو حادث ؛ إذ لو كان قديما لزم وجود الحادث في الأزل ، وأنّه محال.
أقول : الملازمة ممنوعة.
الثاني ـ وهو المعتمد عند الحكماء ـ : أنّ الاتّصاف بالحادث تغيّر ، وهو على الله تعالى محال.
واعترض عليه أنّه إن أريد بالتغيّر مجرّد الانتقال من حال إلى حال ، فالكبرى نفس المتنازع فيه.
وإن أريد تغيّر في الواجبيّة ، أو تأثّر وانفعال عن الغير ، فالصغرى ممنوعة ؛ لجواز أن يكون الحادث معلول الذات بطريق الاختيار ، أو بطريق الإيجاب بأن يقتضي صفة كماليّة متلاحقة الأفراد ، مشروطا ابتداء كلّ بانقضاء الآخر ، كحركات الأفلاك عندهم.
الثالث : أنّه لو اتّصف بالحادث لزم جواز أزليّة الحادث بوصف الحادث ، وهو باطل ؛ ضرورة أنّ الحادث ما له أوّل ، والأزليّ ما لا أوّل له.
ووجه اللزوم أنّه يجوز الاتّصاف بذلك الحادث في الأزل ؛ إذ لو امتنع لاستحال انقلابه إلى الجواز ، وجواز الاتّصاف بالشيء في الأزل يقتضي جواز وجود ذلك الشيء في الأزل ، فيلزم جواز وجود الحادث في الأزل.
وجوابه : أنّ اللازم من استحالة الانقلاب جواز الاتّصاف في الأزل على أن يكون الأزل قيدا للجواز ، وهو لا يستلزم إلاّ أزليّة جواز الحادث لا جواز الاتّصاف