الموجود ؛ لظهور زوال العدم الأزلي لكلّ حادث.
وأمّا الثاني ، فلأنّ القابلية اعتبار عقليّ معناه إمكان الاتّصاف ، ولو سلّم فأزليّتها إنّما تقتضي أزليّة جواز المقبول ـ أي إمكانه ـ لا جواز أزليّته ليلزم المحال ، وقد عرفت الفرق.
واحتجّ الخصم بوجوه :
الأوّل : الاتّفاق على أنّه تعالى متكلّم سميع بصير ، ولا يتصوّر هذه الأمور إلاّ بوجود المخاطب والمسموع والمبصر وهي حادثة ، فوجب حدوث هذه الصفات القائمة بذاته تعالى.
وأجيب بأنّ الحادث متعلّق تلك الصفات ، وأنّه إضافة يجوز تجدّدها.
الثاني : أنّ المصحّح للقيام به تعالى إمّا كونه صفة ، فيعمّ هذا المصحّح الحادث ، أو كونه صفة مع وصف القدم ، وهو كونه غير مسبوق بالعدم ، وأنّه [ سلب ] لا يصلح جزءا للمؤثّر في الصحّة ، فتعيّن الأوّل ، فيصحّ قيام الصفة الحادثة به.
والجواب منع الحصر ؛ لجواز أن يكون المصحّح حقيقة الصفة القديمة المخالفة لحقيقة الصفة الحادثة ، فلا يلزم اشتراك الصحّة.
ولو سلّم فيجوز أن يكون القدم شرطا أو الحدوث مانعا.
الثالث : أنّه تعالى صار خالقا للعالم بعد ما لم يكن وصار عالما ؛ لأنّه وجد بعد أن كان عالما بأنّه سيوجد ، فقد حدث فيه صفة الخالقيّة وصفة العلم.
وأجيب بأنّ التغيّر في الإضافات ؛ فإنّ العلم صفة حقيقيّة ، لها تعلّق بالمعلوم يتغيّر ذلك التعلّق بحسب تغيّره ، والخالقيّة من الصفات الإضافيّة ، أو من الحقيقيّة والمتغيّر تعلّقها بالمخلوق لا نفسها.
وقالت الكراميّة : أكثر العقلاء يوافقوننا في قيام الصفة الحادثة بذاته تعالى وإن أنكروه باللسان ؛ فإنّ الجبائيّة قالوا : إنّ الإرادة والكراهة حادثتان لا في محلّ ، لكنّ المريديّة والكارهيّة حادثتان في ذاته تعالى ، وكذا السامعيّة والمبصريّة تحدث