أن يكون المرئيّ من كلّ موجود مفهوم الوجود المطلق المشترك بين الموجودات بأسرها.
وقال الإمام الرازيّ في نهاية العقول : من أصحابنا من التزم ذلك وقال : إنّ المرئيّ هو الوجود فقط ، وإنّا نبصر اختلاف المختلفات ، بل نعلمها بالضرورة. وهذه مكابرة لا يرضاها العقل ، بل الوجود علّة لصحّة كون الحقيقة المخصوصة مرئيّة (١).
ومنها : نقض الدليل بصحّة المخلوقيّة بأنّها مشتركة بين الجوهر والعرض ، ولا مشترك بينهما يصلح علّة لذلك سوى الوجود ، فيلزم صحّة مخلوقيّة الواجب ، تعالى الله عن ذلك.
وأجيب بأنّها أمر اعتباريّ محض لا يقتضي علّة ؛ إذ ليست ممّا يتحقّق عند الوجود وينتفي عند العدم كصحّة الرؤية.
سلّمنا ، لكنّ الحدوث يصلح هاهنا علّة ؛ لأنّ المانع من ذلك في صحّة الرؤية إنّا هو امتناع تعلّق الرؤية بما لا تحقّق له في الخارج. وأمّا النقض بصحّة الملموسيّة فقويّ.
أقول : إنّ تعلّق الرؤية بشيء بمعنى كونه مرئيّا يقتضي كونه من الأمور العينيّة لا من الاعتبارات المحضة ، كذلك تعلّق الخلق بشيء بمعنى كونه مخلوقا يقتضي كونه مخلوقا يقتضي كونه ممّا له تحقّق في الأعيان ؛ فإنّ الأمور الاعتباريّة المحضة لا تكون مخلوقة.
والعجب من هذا المجيب أنّه سلّم ورود النقض بصحّة الملموسيّة ، ولا وجه له غير أن يقال : تعلّق اللمس بشيء بمعنى كونه ملموسا يقتضي كونه من الموجودات الخارجيّة ، وإلاّ فصحّة الملموسيّة عبارة عن إمكان كونه ملموسا ، والإمكان من الاعتبارات العقليّة التي لا تقتضي علّة ؛ إذ ليس ممّا يتحقّق عند الوجود ، وينتفي عند
__________________
(١) حكاه عنه التفتازاني في « شرح المقاصد » ٤ : ١٩١.