بل لا معنى لصحّة الرؤية إلاّ ذلك ، ثمّ الشرطيّة أو المانعيّة إنّما تتصوّر لتحقّق الرؤية لا لصحّتها.
واعترض أيضا بوجوه أخر :
منها : لا نسلّم اشتراك الوجود بين الواجب وغيره ، كيف؟ وقد جزمتم معاشر الأشاعرة بأنّ وجود كلّ شيء عين حقيقته.
وأجاب الآمدي بأنّ المتمسّك بهذا الدليل إن كان ممّن يعتقد كون الوجود مشتركا كالقاضي وجمهور الأشاعرة (١) ، لم يرد عليه ما ذكرتموه. وإن كان ممّن لا يعتقد كالشيخ (٢) ، فهو بطريق الإلزام ، ولا يجب كون الملزم معتقدا لما تمسّك به (٣).
وقال بعض المحقّقين (٤) : مفهوم الوجود مشترك بين الموجودات كلّها عند الشيخ أيضا ، والاتّحاد الذي ادّعاه أراد به أنّ الوجود ومعروضه ليس لهما هويّتان متمايزتان تقوم إحداهما بالأخرى كالسواد بالجسم ، ولا منافاة بين كون الوجود عين الماهيّة بالمعنى الذي صوّرناه ، وبين اشتراكه بين الموجودات كلّها ، والأكثرون توهّموا أنّ ما نقل عنه من أنّ الوجود عين الماهيّة ينافي دعوى اشتراكه بين الموجودات ؛ إذ يلزم منهما معا كون الأشياء كلّها متّفقة الحقيقة ، وهو ممّا لا يقول به عاقل.
ومنها : أنّه يلزم على ما ذكرتم صحّة رؤية كلّ موجود حتّى الأصوات والطعوم والروائح والاعتقادات والقدرة والإرادة وغير ذلك من الموجودات ، وبطلانه ضروري والشيخ الأشعريّ يلتزمه ، ويقول : إنّما لا يتعلّق به الرؤية بناء على جري عادة الله بأن لا يخلق فينا رؤيتها لا بناء على امتناع ذلك ، لكن يلزم فساد آخر وهو
__________________
(١) لمزيد المعرفة حول الأقوال في اشتراك الوجود راجع « المحصّل » : ١٤٧ ؛ « مناهج اليقين » : ٩ ـ ١٠ ؛ « شرح المواقف » ٢ : ١١٢ ـ ١٢٧ ؛ « شرح المقاصد » ١ : ٣٠٧ وما بعدها.
(٢) لمزيد المعرفة حول الأقوال في اشتراك الوجود راجع « المحصّل » : ١٤٧ ؛ « مناهج اليقين » : ٩ ـ ١٠ ؛ « شرح المواقف » ٢ : ١١٢ ـ ١٢٧ ؛ « شرح المقاصد » ١ : ٣٠٧ وما بعدها.
(٣) « شرح المواقف » ٨ : ١٢٧.
(٤) هو السيد الشريف في « شرح المواقف » ٨ : ١٢٦ ـ ١٢٧.