حقيقة كلّ ، فهما متماثلان. وإن كانت جزء حقيقته ، فهما متجانسان ؛ لأنّ بعض الحقيقة المشترك إمّا جنس أو فصل بعيد يلزمه جنس ما ، فيلزم أن يكون لواجب الوجود جنس ، وكلّ ماله جنس فله فصل مختصّ مميّز له عن غيره لئلاّ ترتفع الاثنينيّة ، فيلزم التركّب في الواجب ، وهو محال ؛ لاستلزامه الاحتياج إلى الأجزاء ، وهو مناف لوجوب الوجود.
[ و ] على تقدير كونها تمام الحقيقة يلزم احتياج كلّ منهما إلى ما به الامتياز عن العوارض المشخّصة ، والمحتاج إلى الغير في الوجود لا يمكن أن يكون واجب الوجود. ومن هنا يعلم أنّ تشخّص الواجب عين ذاته كوجوده.
وأمّا امتناع الشريك في وجوب الوجود ، فلأنّ الوجود في الواجب عين حقيقته ، فلو وجد واجبان ، لكان حقيقة الوجود مشتركة بينهما ، والحقيقة المشتركة إمّا جنسيّة أو نوعيّة ، وعلى التقديرين يلزم تركّب الواجب كما مرّ وهو محال كما تقدّم ، فوجود الشريك يستلزم التركّب وهو محال ، فهو محال وهو المطلوب.
ومنها : أنّ وجود الشريك يستلزم عجز الواجب ؛ لأنّ كلاّ من الشريك (١) إمّا أن يقدر على الإتيان بما شاء بالنسبة إلى الآخر ، أم لا وعلى الأوّل ، فإمّا أن يقدر الآخر مع منع الأوّل أم لا ، والأوّل يستلزم عجز الأوّل ، والثاني عجز الثاني. وعلى الثاني يلزم عجز كليهما.
لا يقال : يشترط في القدرة إمكان المقدور ، والتأثير في الواجب ممتنع.
لأنّا نقول : تأثير الواجب في الواجب ليس بممتنع ؛ لأنّ الفاعل ـ وهو الواجب ـ كامل عن جميع الجهات ، والقابل متحقّق لا نقص فيه أصلا على هذا التقدير ، مضافا إلى إمكان التمثيل بمثال واضح كإماتة زيد وإبقائه ، وتحريك الفلك وتسكينه في آن واحد.
__________________
(١) كذا ، والصحيح : « الشريكين ».