قد يجتمع في شيء واحد باعتبارين ، كما يقال : وجود زيد مصلحة لأوليائه ، ومفسدة لأعدائه ، أو بالعكس بالاعتبارين.
ومنها : الحسن بمعنى كون الفعل ممّا تعلّق به المدح.
وبعبارة أخرى : كون الفعل بحيث يستحقّ فاعله به المدح والتعظيم باعتبار العقل ، وكونه بحيث يستحقّ فاعله الثواب باعتبار الشرع ، أو كونه بحيث يستحقّ فاعله المدح والثواب بملاحظة العقل والنقل ، والقبح بمعنى كون الفعل بحيث يستحقّ فاعله الذمّ عقلا ، والعقاب أو العتاب شرعا ، فما تعلّق به مدحه تعالى في العاجل ، وثوابه في الآجل يسمّى حسنا ، وما يتعلّق به ذمّه تعالى في العاجل ، وعقابه أو عتابه في الآجل يسمّى قبيحا ، وما لا يتعلّق به شيء منهما ، فهو خارج عنهما ، هذا في أفعال العباد. وإن أريد ما يعمّ أفعال الله تعالى ، اكتفي بتعلّق المدح والذمّ وترك الثواب والعقاب ؛ لما لا يخفى.
ومحلّ النزاع بالنسبة إلى موضوع المسألة هو المعنى الأخير لا غيره ، كما صرّح به الشارح القوشجي ؛ حيث قال بالنسبة إلى المعنى الأوّل : « لا نزاع في أنّ هذا المعنى أمر ثابت للصفات في أنفسها ، وأنّ مدركه العقل » (١) وكذا بالنسبة إلى ما فيه مصلحة ومفسدة قال : « وذلك أيضا مدركه (٢) العقل » (٣).
وصرّح بما أشرنا أيضا صاحب « المواقف » وشارحه ؛ حيث قالا :
« ( ولا بدّ أوّلا ) أي قبل الشروع في الاحتجاج ( من تحرير محلّ النزاع ) ليتّضح المتنازع فيه ، ويرد النفي والإثبات على شيء واحد ( فنقول ) ـ وبالله التوفيق ـ : ( الحسن والقبح يقال لمعان ثلاثة :
الأوّل : صفة الكمال والنقص ) فالحسن كون الصفة صفة كمال ، والقبح كون الصفة
__________________
(١) « شرح تجريد العقائد » : ٣٣٨.
(٢) في المصدر : « يدركه ».
(٣) « شرح تجريد العقائد » : ٣٣٨.