وإن لم يكن ، فمعه إن لم يجب الفعل ـ بل صحّ الصدور واللاصدور ـ عاد الترديد ولزم المحذور. وإن وجب فالفعل اضطراريّ (١) ، أو العبد مجبور بناء على عدم كفاية الإرادة ولزوم الانتهاء إلى مرجّح لا يكون من العبد ، ويجب معه الفعل ، ويبطل استقلال العبد.
الثالث : أنّه لو كان قبح الكذب لذاته لما تخلّف عنه في شيء من الصور ضرورة ، واللازم باطل فيما إذا تعيّن الكذب لإنقاذ نبيّ من الهلاك ؛ فإنّه يجب قطعا ، فيحسن. وكذا كلّ فعل يجب تارة ويحرم أخرى كالقتل والضرب حدّا وظلما ، بناء على أنّ الكذب ـ مثلا ـ من جهة تعيّن سبب الإنجاء فيه يصير حسنا ؛ لأنّ الحسن هو الإنجاء.
الرابع : أنّه لو كان الحسن والقبح ذاتيّين لزم اجتماع المتنافيين في إخبار من قال : « لأكذبنّ غدا » لأنّه إمّا صادق ، فيلزم بصدقه حسنه ، ولاستلزامه الكذب في الغد قبحه ، وإمّا كاذب فيلزم لكذبه قبحه ، ولاستلزامه ترك الكذب في الغد حسنه ، فيلزم اجتماع الحسن والقبح بناء على أنّ ملزوم الحسن حسن ، وملزوم القبيح قبيح ، وأنّ كلّ حسن أو قبح ذاتيّ.
الخامس : أنّ الفعل لو كان حسنا أو قبيحا لذاته ، لزم قيام العرض بالعرض وهو باطل باعتراف الخصم.
وجه اللزوم أنّ حسن الفعل مثلا أمر زائد عليه ؛ لأنّه قد يعقل الفعل ولا يعقل حسنه أو قبحه ، ومع ذلك فهو وجوديّ غير قائم بنفسه ، فهو عرض صفة للفعل الذي هو أيضا عرض ، فيلزم قيام العرض بالعرض بناء على منع كونه كإمكان الفعل ، وأنّ الحسن الشرعيّ قديم متعلّق بالفعل لا صفة له حتّى يلزم النقض بلزوم قيام العرض بالعرض.
__________________
(١) كذا في النسخ ، والصحيح « والعبد » كما في « شرح المقاصد ».