الأوّل : أنّ الحسن والقبح ذاتيان بالمعنى المذكور كما عن القدماء.
الثاني : أنّهما لصفة لازمة لذات الشيء ، موجبة لهما.
الثالث : أنّهما بالوجوه والاعتبارات ؛ لترتّب مصلحة أو مفسدة ظاهرة أو كامنة ، ولكن حكم العقل مخصوص بالصورة الأولى.
الرابع : أنّ الحسن ذاتيّ ، والقبح لصفة مقبّحة كما عن أبي الحسين.
الخامس : أنّهما للقدر المشترك الأعمّ ، كما اختاره أستاذ الأستاذ (١) حاكيا عن غير المعتزلة ، وهو ظاهر المقدّس الأردبيليّ أيضا ؛ حيث قال : « ينبغي أن يختار أنّه قد يكون لذاته كما في الصدق والكذب ، وقد يكون لصفة ذاتيّة ، وقد يكون لوجوه واعتبارات كما في لطم اليتيم » (٢). والحقّ هو الأوّل كما عن الأوائل (٣).
ويشهد على كونهما ذاتيّين أنّ من استوى في تحصيل غرضه الصدق والكذب بحيث لا مرجّح أصلا ، ولا علم باستقرار الشرائع على تحسين الصدق وتقبيح الكذب ، فإنّه يؤثر الصدق قطعا ، ويترك الكذب حتما ، وما ذاك إلاّ لأنّ حسنه بالمعنى المتنازع فيه ذاتيّ ضروريّ عقليّ ، وكذا إنقاذ من أشرف على الهلاك حيث لا يتصوّر له نفع وغرض ولو كان مدحا وثناء.
وتوهّم أنّ إيثار الصدق لملاءمة الطبع والمصلحة العامّة ، وإنقاذ الهالك لرقّة الجنسيّة المجبولة في الطبيعة كأنّه يتصوّر لنفسه مثل تلك الحالة فيستحسنه من نفسه كما يستحسنه من غيره في حقّه فاسد ؛ لما لا يخفى.
فإن قلت : الذاتيّ لا يختلف ولا يتخلّف ، والحسن والقبح يختلفان ويتخلّفان
__________________
(١) اختاره الحكيم السبزواريّ حاكيا عن الشيخ البهائيّ في « زبدة الأصول » وحواشيها. راجع « شرح الأسماء » : ٣٢٢.
(٢) « الحاشية على إلهيّات الشرح الجديد للتجريد » : ١٢٠.
(٣) « كشف المراد » : ٣٠٢ ؛ « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٣٣٨ ؛ « شرح الأسماء » : ٣١٨ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ١٨٤.