في فعل القبيح وترك الحسن ، والأمر بغير المراد ، والنهي عن المراد كما (١) روي مرفوعا عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّ ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن (٢) ـ أشار المصنّف رحمهالله إلى جوابه بما اختاره وفاقا للمعتزلة (٣) من أنّه تعالى لا يريد القبيح سواء وقع أم لا ، ويريد الحسن سواء وقع أم لا. واحتجّ عليه بقوله :
( وإرادة القبيح قبيحة ، وكذا ترك إرادة الحسن ، والأمر والنهي (٤) ) بمعنى أنّ الله تعالى كما لا يفعل القبيح ، كذلك لا يريد القبيح ؛ لقبح ذلك ، وأنّه تعالى كما لا يترك الحسن ، كذلك لا يريد تركه ؛ لقبح ذلك.
وأيضا أنّه تعالى أمر الكافر بالإيمان ونهاه عن الكفر ، فلو لم يكن إيمانه مرادا ، لكان الأمر به قبيحا ، ولو لم يكن كفره مكروها ، لكان النهي عنه قبيحا ، فقوله : « والأمر » عطف على قوله : « ترك » بمعنى أنّ الأمر الحقيقي بغير المراد أيضا قبيح ، وكذا النهي عن المراد أيضا قبيح ، وقبح ذلك كلّه ببداهة العقل ، فلا حاجة إلى الدليل ، فلا يتوجّه أنّه تصرّف في ملكه حيث شاء ، وكذا المنع بأنّه ربّما لا يكون غرض الآمر الإتيان بالمأمور ، كما إذا أمر العبد امتحانا بأنّه هل يطيعه أم لا ؛ فإنّه لا يريد شيئا من الطاعة والعصيان ، واعتذارا (٥) عن ضربه بأنّه لا يطيعه فإنّه يريد منه العصيان ، وكالمكره على الأمر بنهب أمواله ، وكذا النهي.
والأولى أن يقال : إنّ الإرادة على قسمين : تكوينيّة وتكليفيّة. والإرادة التكوينيّة متعلّقة بكلّ كائن ولو بإعطاء الأسباب ، والإرادة التكليفيّة لا تتعلّق
__________________
(١) استدلال لمسلك الأشاعرة.
(٢) « الأمالي » للصدوق : ٣٩٥ ، المجلس ٧٤ ، ح ١ ؛ ونقل عن أمير المؤمنين عليهالسلام في « الخصال » : ٦٣١ ، ح ١٠ ؛ « عدّة الدّاعي » : ٢٨٢.
(٣) « المحصّل » : ٤٧٢ ـ ٤٧٣ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ١٧٣ ـ ١٧٩ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ٤٣١ وما بعدها.
(٤) في « شرح تجريد العقائد » : ٣٤٠ أورد المتن بهذه الصيغة : « ... وكذا ترك إرادة الحسن قبيح ، وكذا الأمر بما لا يراد قبيح والنهي عمّا يراد أيضا قبيح ».
(٥) كذا في النسخ ، والصحيح ـ كما عليه القوشجي ـ : « أو اعتذارا ».