مدخل فيه ؛ فإنّه حينئذ يكون فعلا لغيره ، ولا يكون له اختيار فيه.
مثاله ما إذا ألجأ ظالم أحدا إلى فعل بحيث لا يمكنه الترك وإذا مال آخر إلى ذلك الفعل بسبب غضب لا يقدر به على الترك ، فيصدق عليهما أنّهما لا يتمكّنان من الترك ولكن أحدهما بإلجاء الغير ، والآخر من غير إلجاء.
والحاصل : أنّ ذات العبد علّة فاعليّة لوجوب الفعل بإعداد معدّ أو شرطيّة شيء ، لا أنّ غيره علّة فاعليّة له ، فلمّا كان العبد فاعلا للفعل ووجوبه ، لم يكن الفعل مخلوقا لله تعالى ، ولمّا كان فاعليّته لوجوب الفعل بسبب داع مستند بوسائط كثيرة إلى الله تعالى ، لم يكن الفعل مفوّضا إليه ، وهذا معنى كون الأمر بين الأمرين.
فإن قلت : ذات العبد مخلوق لله ، ففعله أيضا مخلوق له تعالى.
قلت : هذا ليس معنى الجبر ، بل معناه أن يكون الفعل مخلوقا له تعالى بلا واسطة وإن كان بآلة.
فإن قلت : هذا وإن لم يكن جبرا لكن يترتّب عليه ما يترتّب على الجبر من قبح التعذيب على العصيان.
قلت : هذا إذا كان خلق العاصي للعصيان بالذات. أمّا لو كان خلقه بالذات للمصلحة ولزم مفسدة العصيان بالعرض ، فلا.
والأولى الاعتماد بما ذكرناه أوّلا من كون الإرادة اختياريّة بالمعنى المذكور.
وقد روي عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « الناس في القدر على ثلاثة أوجه :
رجل يزعم أنّ الله أجبر خلقه على المعاصي ، فهذا قد ظلّم الله تعالى في حكمه ، فهو كافر.
ورجل يزعم أنّ الأمر مفوّض إليهم ، فهذا قد وهّن سلطان الله ، فهو كافر.
ورجل يزعم أنّ الله تعالى كلّف العباد ما يطيقونه ولم يكلّفهم ما لا يطيقونه ، فإذا