وتوهّم لزوم (١) كون العدل من صفات الذات ؛ لامتناع إثبات نقيضه لله تعالى مع أنّهم حكموا بأنّه كمال الواجب بالذات في الأفعال كما أنّ التوحيد كماله في الذات فاسد ؛ لإمكان نفي العدل بإثبات الفضل لا الجور بالمنع في صورة الاستحقاق ، أو الإعطاء مع عدم الاستعداد في حقّه تعالى ؛ ولهذا يقال : ربّنا عاملنا بفضلك ولا تعاملنا بعدلك.
والإيراد بأنّ سياق الكلام يقتضي إثبات الصفات السلبيّة مع أنّها منفيّة مدفوع بأنّ المراد بيانها لا إثباتها ، أو المراد بالنسبة إلى السلبيّة إثبات سلبها أو إثباتها على طريق المعدولة بأن يقال : إنّه تعالى لا مركّب ولا جسم ولا نحوهما ، أو بحمل الصفات على الثبوتيّة وكون ذكر السلبيّة بالتبع.
وكيف كان ، فأشرف الصفات الصفات الثبوتيّة الحقيقيّة ـ التي هي عين الذات وكمالها ، بمعنى أنّها ثابتة للذات على وجه العينيّة من غير أن تكون الذات نائبة عنها ؛ لما سيأتي ، أو تكون زائدة عنها كما سنبيّن إن شاء الله تعالى ـ وهي ثمان صفات بعدد أبواب الجنان وإن كان أصولها ثلاثة : القدرة ، والعلم ، والحياة بكون ما عداها راجعة إليها ، وكونها من شعبها ككون الإرادة ـ بمعنى العلم بالمصلحة المقتضية لمشيئة الفعل ، وبالمفسدة المقتضية لمشيئة الترك ـ من شعب مطلق العلم ، وكذا السمع والبصر ، وكون الكلام ـ بمعنى القدرة على إيجاد ما يدلّ على المراد لا نفس الإيجاد أو ما يدل على المراد ـ من شعب القدرة ، وكذا الصدق ، وكون القدم والأزليّة والأبديّة والسرمديّة من شعب الحياة التي ، هي عين الذات.
وتوهّم (٢) لزوم التكثّر في ذات الله ؛ لتعدّد الصفات العينيّة مدفوع : بأنّ التعدّد باعتبار الآثار ، لا باعتبار نفس الذات التي تنسب إليها الوحدة من جميع الجهات ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) يظهر هذا اللزوم من كلام الصدوق رحمهالله حيث عدّ العدل من صفات الذات. انظر « التوحيد » : ١٤٨ باب صفات الذات وصفات الأفعال ، ذيل ح ١٩.
(٢) انظر « المطالب العالية » ٣ : ٢٢٦.