الفعل ولا صدوره ، وأرادوا منها إمكان الصدور واللاصدور بالنسبة إلى الفاعل من حيث هو فاعل. والثانية : كون الفاعل بحيث إن شاء فعل ، وإن لم يشأ لم يفعل. والتلازم بين معنييهما ظاهر ، فمعناهما متّفق عليه بين الفريقين » (١).
أقول : والأولى أن يقال : إنّ القدرة تطلق على معنيين :
الأوّل : التمكّن على الفعل والترك وكون الشيء بحيث إن شاء فعل وإن شاء ترك.
الثاني : منشأ التمكّن المذكور سواء كان ذاتا كما في الواجب أو عرضا كما في الممكن.
والإيجاب يمكن كونه مصدرا مبنيّا للفاعل بمعنى الموجبيّة وكون الفاعل موجبا بصيغة الفاعل ، ويمكن كونه مبنيّا للمفعول بمعنى الموجبيّة وكون الفاعل موجبا بصيغة المفعول بكونه مصدرا للفعل من غير قدرة واختيار ، كإضاءة النور وإحراق النار ونحوهما ممّا يكون على وجه الاضطرار ، فيكون كلفظ « المضطرّ » بخلاف الأوّل ؛ فإنّه يطلق على فاعل يجب فعله بقدرته واختياره ، فلا يلزم الاضطرار ؛ فإنّ الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار كما في الأفعال التوليديّة للمختار.
فالقدرة قد تكون مؤثّرة بالنسبة إلى طرفي الفعل والترك ، بمعنى أنّ الفاعل شاء الترك فترك وشاء الفعل ففعل ، حتّى بالنسبة إلى قدرة الله تعالى إمّا باعتبار كونها زائدة على الذات ومنفكّة عنها وقتا ما ، كما يقول الأشاعرة ، (٢) أو باعتبار تأثيرها في المشيّة الزائدة على الذات الموجبة لوجود الممكنات على وجه التأخّر بالإرادة ليتحقّق طرفا القدرة ، كما يقول المحقّقون من المتكلّمين. (٣)
وقد تكون مؤثّرة بالنسبة إلى الفعل خاصّة ، كما في قدرة الله عند الحكماء ، (٤)
__________________
(١) « حاشية الخفري على إلهيات شرح القوشجي » الورقة ٣ ـ ٤ ، مخطوط.
(٢) « الشفاء » الإلهيات : ١٧٠ ـ ١٨٥ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « التحصيل » : ٣٨٢ ـ ٣٨٤ ؛ « نقد المحصّل » :
(٣) « الشفاء » الإلهيات : ١٧٠ ـ ١٨٥ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « التحصيل » : ٣٨٢ ـ ٣٨٤ ؛ « نقد المحصّل » :
(٤) « الشفاء » الإلهيات : ١٧٠ ـ ١٨٥ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « التحصيل » : ٣٨٢ ـ ٣٨٤ ؛ « نقد المحصّل » :