تعالى حسنة سواء كانت مبتدأ بها أو بطريق المجازاة ، وسواء تعقّبها عوض ، أو لا (١).
وذهب الثنويّة إلى قبح جميع الآلام لذاتها وهي صادرة عن الظلمة (٢).
واختار المصنّف أنّ بعض الآلام يصدر منّا خاصّة كالآلام الصادرة عن بعض المكلّفين بالنسبة إلى من لا جرم له ، وبعضها حسن يصدر من الله تعالى ومنّا ، وعلّة حسنه إمّا الاستحقاق ، أو اشتماله على نفع زائد على الألم ، أو على دفع ضرر زائد عليه ، أو كونه على مقتضى العادة كما يفعله الله تعالى في الحيّ إذا ألقيناه في النار ، أو كونه واقعا على وجه الدفع كما إذا وقع دفعا للصائل (٣) فإنّا إذا علمنا اشتمال الألم على واحد من هذه الأمور حكمنا بحسنه قطعا ، والألم الذي يفعله الله تعالى ابتداء ـ وهو المشتمل على النفع الحاصل للمتألّم ـ مشروط باللطف للمتألّم أو لغيره ؛ لأنّ خلوّه عن النفع يستلزم الظلم ، وعن اللطف يستلزم العبث وهما قبيحان على الله تعالى.
( ويجوز في المستحقّ كونه عقابا ) أي يجوز أن يقع الألم على المستحقّ مثل الفسّاق والكفّار بطريق العقاب ، ويكون تعجيله قد اشتمل على مصلحة لبعض المكلّفين كما في الحدود.
( ولا يكفي اللطف في ألم المكلّف في الحسن ).
يعني أنّ اللطف غير كاف في ألم المكلّف لكونه حسنا ، بل لا بدّ فيه أن يقع في مقابلته عوض من حصول نفع أو دفع ضرر ؛ لأنّ الطاعة الواقعة لأجل الألم بسبب اللطف تقابل الثواب المستحقّ ، فيبقى الألم مجرّدا عن النفع ، فيكون قبيحا.
( ولا يحسن مع اشتمال اللذّة على لطفه ).
يعني أنّ الألم لا يحسن إذا كان اللّذّة مشتملة على اللطف الذي في الألم ؛ لأنّ
__________________
(١) « شرح الأصول الخمسة » : ٤٨٣ ؛ « كشف المراد » : ٣٢٩ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٥٥ ؛ « إرشاد الطالبين » : ٢٧٩.
(٢) نفس المصادر السابقة.
(٣) الصائل : الواثب والمهاجم.