في المجلّد الثاني والرابع.
الثاني : لو كانت الأمور المتناهية ممكنة ، لأمكن وقوع كلّ واحد من إحدى السلسلتين بإزاء واحد من الأخرى على سبيل الاستغراق إلى آخر الدليل.
وهذا الدليل جار في غير المرتّبة أيضا لكنّه في المرتّبة المتّسقة أظهر ، ومنع الإمكان الذاتيّ مكابرة ، وكيف يتوقّف الذكيّ في أنّ القادر الذي أوجده أوّلا مرتّبا يمكنه أن يوجده مرّة أخرى مرتّبا منطبقا ، وأن يرتّب غير المرتّبة؟ وإنكاره تحكّم ، ومنعه مكابرة.
الثالث : ما قرّره المحقّق الطوسيّ رحمهالله (١) ، وهذّبه الفاضل الدواني ، ولا يرد عليه شيء من الإيرادات المشهورة ، ويكون الانطباق فيه انطباقا برهانيا لا مجال لتشكيك الوهم فيه ، وتقع فيه الزيادة والنقصان في الجهة التي فرض فيها عدم التناهي ، وهو أن يقال : تلك السلسلة المترتّبة علل ومعلولات بلا نهاية في جانب التصاعد مثلا ، وما خلا المعلول الأخير علل غير متناهية باعتبار ومعلومات غير متناهية باعتبار ، فالمعلول الأخير مبدأ السلسلة المعلوليّة والذي فوقه مبدأ السلسلة العلّيّة فإذا فرضنا تطبيقهما ـ بحيث ينطبق كلّ معلول على علّته ـ وجب أن تزيد سلسلة المعلوليّة على سلسلة العلّيّة بواحد من جانب التصاعد ؛ ضرورة أنّ كلّ علّة فرضت ، لها معلوليّة وهي بهذا الاعتبار داخلة في سلسلة المعلول ، والمعلول الأخير داخل في جانب المبدأ في سلسلة المعلول دون العلّة فلمّا لم تكن تلك الزائدة بعد التطبيق من جانب المبدأ ، كانت في الجانب الآخر لا محالة ؛ لامتناع كونها في الوسط ؛ لاتّساق النظام ، فيلزم الانقطاع ، وأن يوجد معلول بدون علّة سابقة عليه ، تأمّل ؛ فإنّه دقيق.
ويجري هذا الدليل في غير سلسلة العلل والمعلوليّة من الجمل المرتّبة ؛ فإنّ كلّ
__________________
(١) « نقد المحصّل » : ٢٠٩ ، وعنه في « الأسفار الأربعة » ٢ : ١٤٩ ـ ١٥٠.