بين لهواته إلاّ كالرملة في المفازة الفضفاضة ، وقال لهم الله : يا عبادي! احملوا عرشي هذا ، فتعاطوه فلم يطيقوا حمله ولا تحريكه ، فخلق الله بعدد كلّ واحد منهم واحدا فلم يقدروا أن يزعزعوه ، فخلق الله مع كلّ واحد عشره فلم يقدروا أن يحرّكوه ، فخلق الله بعدد كلّ واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا أن يحرّكوه ، فقال الله ـ عزّ وجلّ ـ لجميعهم : خلّوه عليّ أمسكه بقدرتي ، فخلّوه فأمسكه الله عزّ وجلّ بقدرته.
ثمّ قال لثمانية منهم : احملوا أنتم ، فقالوا : يا ربّنا! لم نطقه نحن وهذا الخلق الكثير والجمّ الغفير ، فكيف نطيقه الآن دونهم؟! فقال الله عزّ وجلّ : لأنّي أنا الله ـ المقرّب للبعيد ، والمخفّف للشديد والمستهلّ للعسير ـ أفعل ما أشاء وأحكم ما أريد ، أعلّمكم كلمات تقولونها يخفّف بها عليكم.
قالوا : وما هي؟ قال : تقولون : بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم وصلّى الله على محمّد وآله الطيّبين ، فقالوها فحملوه ، وخفّف على كواهلهم كشعرة نابتة على كاهل رجل جلد قويّ.
فقال الله عزّ وجلّ لسائر تلك الأفلاك : خلّوا على هذه الثمانية عرشي ليحملوه ، وطوفوا أنتم حوله ، وسبّحوني ومجّدوني وقدّسوني ، فأنا الله القادر على ما رأيتم وعلى كلّ شيء قدير » (١).
ومنها : ما روي عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه عليهمالسلام أنّه قال : « في العرش تمثال جميع ما خلق الله في البرّ والبحر » قال : « وهذا تأويل قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ ) (٢) وإنّ بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية خفقان (٣) الطير المسرع مسيرة ألف عام ، والعرش يكسى كلّ يوم سبعون ألف لون من النور
__________________
(١) « التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ » : ١٤٦ ـ ١٤٨.
(٢) الحجر (١٥) : ٢١.
(٣) أي حركة الطير.