ساق الحديث إلى أن قال : « حتّى دخلت السماء الدنيا فما لقيني ملك إلاّ ضاحكا مستبشرا حتّى لقيني ملك من الملائكة لم أر خلقا أعظم منه ، كريه المنظر ظاهر الغضب ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ قال : هذا مالك خازن النار ».
ثمّ ساق الحديث إلى قوله : « ثمّ مررت بملك من الملائكة جالس على مجلس وإذا جميع الدنيا بين ركبتين وإذا بيده لوح من نور مكتوب فيه كتاب ينظر فيه لا يلتفت يمينا وشمالا مقبلا عليه كهيئة الحزين ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا ملك الموت ، فقال رسول الله : ثمّ رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجبا نصف جسده النار ، والنصف الآخر ثلج ، فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار وهو ينادي بصوت رفيع ويقول : سبحان الذي كفّ حرّ هذا النار ، فلا تذيب الثلج ، وكفّ برد هذا الثلج ، فلا يطفئ حرّ هذه النار ، اللهمّ يا مؤلّف بين الثلج والنار ، ألّف بين قلوب عبادك المؤمنين ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا ملك وكّله الله بأكناف السماوات وأطراف الأرضين وهو أنصح ملائكة الله لأهل الأرض من عباده المؤمنين ، يدعو لهم بما تسمع منذ خلق ، ورأيت ملكين يناديان في السماء أحدهما يقول : اللهمّ! أعط كلّ منفق خلفا والآخر يقول : اللهمّ! أعط كلّ ممسك تلفا » (١).
ومنها : ما روي عن عدّة كتب ، عن ابن عبّاس ، قال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ومعه جبرئيل يناجيه إذا انشقّ أفق السماء فأقبل جبرئيل يتضاءل ، ويدخل بعضه في بعض ، ويدنو من الأرض ، فإذا ملك قد مثّل بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا محمّد! إنّ ربّك يقرئك السلام ويخيّرك بين أن تكون ملكا وبين أن تكون نبيّا عبدا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فأشار جبرئيل إليّ بيده أن تواضع ، فعرفت أنّه لي ناصح ، فقلت : عبد نبيّ فعرج ذلك الملك إلى السماء ، فقلت : يا جبرئيل! قد كنت أردت أن أسألك
__________________
(١) « تفسير علي بن إبراهيم » ٢ : ٤ ـ ٧ ذيل الآية من سورة الإسراء (١٧).