تتمّة
قال في « البحار » : « اعلم أنّ المذكور في كتب الحكماء والرياضيين هو أنّ الصبح والشفق الأبيض والأحمر إنّما يظهر من وقوع [ ضوء ] الشمس على كرة البخار ، فالمستضيء بالشمس من كرة الأرض أكثر من نصفها دائما ؛ لما بيّن في محلّه أنّ [ الكرة ] الصغرى إذا قبلت الضوء من الكبرى ، كان المستضيء منها أعظم من نصفها ، وظلّ الأرض على هيئة مخروط يلازم رأسه مدار الشمس وينتهي في فلك الزهرة كما علم بالحساب ، والنهار مدّة كون المخروط تحت الأفق ، والليل مدّة كونه فوقه ، فإذا ازداد قرب الشمس من شرقيّ الأفق ، ازداد ميل المخروط إلى غربيّه ولا يزال كذلك حتّى يرى الشعاع المحيط به ، وأوّل ما يرى منه هو الأقرب إلى موضع الناظر ؛ لأنّه أصدق رؤية وهو موقع خطّ يخرج من بصره عمودا على الخطّ المماسّ للشمس والأرض فيرى الضوء مرتفعا عن الأفق ، مستطيلا ، وما بينه وبين الأفق مظلما ؛ لقربه من قاعدة المخروط الموجب له بعد الضوء هناك عن الناضر وهو الضوء الكاذب ، ثمّ إذا قربت الشمس جدّا ، يرى الضوء معترضا وهو الصبح الصادق ، ثمّ يرى محمرّا.
والشفق بعكس الصبح يبدأ محمرّا ، ثمّ مبيضّا معترضا ، ثمّ مرتفعا مستطيلا ، فالصبح والشفق متشابهان متشاكلان متقابلان وضعا ؛ لأنّ هيئة آخر غروب الشمس مثل أوّل طلوع الفجر ويختلفان لونا بسبب اختلاف كيفيّة الهواء المخلوط ؛ فإنّ لون البخار في جانب المشرق مائل إلى الصفار والبياض ؛ لاكتسابه الرطوبة من برودة الليل ، وفي جانب المغرب مائل إلى الصفرة ؛ لغلبة الجزء الدخاني المكتسب بحرارة النار » (١) و (٢).
__________________
(١) في المصدر : « النهار » بدل « النار ».
(٢) « بحار الأنوار » ٥٦ : ٣٣٤.