[ المقدمة ] الثانية : أنّ اللون الأسود هو بمنزلة عدم الإبصار ؛ لأنّا إذا لم نر الشمس والمضيء ظننّا أنّا نرى شيئا أسود ، فالمكان الذي يكون الأبيض فيه غالبا على ، الأسود نرى أحمر ، والمكان الذي يكون الأسود فيه غالبا نراه أرجوانيّا ، والمكان الذي فيه الأسود بين الغالب والمغلوب ، نراه كراثيا فإذا تمهّد هذا ، فنقول : إذا رأى البصر النيّر بتوسّط الغمام على تلك الشرائط رئي القوس على الأكثر ذات ألوان ثلاثة.
الأوّل : منها [ و ] هو الدور الخارج الذي يلي السماء ـ أحمر ؛ لقلّة سواده وكثرة بياضه.
والثاني ـ وهو الذي دونه : كرّاثي ؛ بتوسّطه بين الأوّل والثالث في قلّة السواد وكثرته ، وقلّة البياض وكثرته.
والدور الثالث ممّا يلي الأرض أرجوانيّ ؛ لكثرة سواده وقلّة بياضه.
وأمّا الدور الأصغر ـ الذي قد يرى أحيانا بين الدور الأحمر والكراثي ـ فإنّه ليس يحدث بنحو الانعكاس ، فإنّما يرى بمجاورة الأحمر اللون الكراثي ، والعلّة في ذلك أنّ الأبيض إذا وقع إلى جنب الأسود رئي أكثر بياضا ، ولمّا كان الدور الأحمر فيه بياض ما ، والكراثي مائلا إلى السواد رئي طرف الأحمر ـ لقربه من الكراثي ـ أكثر بياضا ، وما هو أكثر بياضا من الأحمر هو الأصفر ، فلهذا يرى طرف الدور الأحمر ، القريب من الكراثي أحمر ، وقد يظهر أحيانا قوسان معا كلّ واحدة منهما ذات ثلاثة ألوان على النحو الذي ذكرناه في الواحدة لكن وضع ألوان القوس الخارجة بالعكس من الداخلة يعني دورها الخارج الذي يلي السماء أرجوانيّ ، والذي يليه كرّاثيّ ، والذي يتلو هذا أحمر. ولا يبعد أن يكون أحد القولين عكسا للآخر » (١).
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٥٦ : ٣٩٥.