ثمّ قال بعد عنوان قول الشارح القوشجي : « أقول : لم يثبت فيما سبق ... » : « هذا الاعتراض إنّما نشأ من عدم فهم غرض المصنّف ؛ لأنّ المصنّف لم يقل : وجود العالم بعد عدمه لما سبق ينفي الإيجاب ، حتّى يرد عليه أنّه لم يثبت فيما سبق إلى آخر ما ذكره الشارح.
وبالجملة ، ليس في كلام المصنّف إشارة إلى تعليل هذا المطلب بشيء أصلا ، فكيف يصحّ الجزم بأنّ تعليله يكون بما سبق ثمّ الاعتراض عليه؟!
ويحتمل أن يكون تعليل هذا المطلب بالإجماع والحديث النبويّ المشهور (١) الدالّ صريحا على هذا.
ولمّا كان المشهور أنّ دليل وجود العالم بعد عدمه هو الإجماع والحديث النبويّ المشهور الدالّ صريحا على هذا ، لم يصرّح المصنّف قدسسره بهما ؛ لأنّ الشهرة كفت مئونة الذكر ، وقد عرفت سابقا توجيهات أخر لكلام المصنّف بحيث يندفع بها اعتراض الشارح » انتهى كلامه في هذا المقام وهو جيّد ؛ لما لا يخفى.
ثمّ قال ـ بعد عنوان ما حكى الفاضل الخفري عن بهمنيار من قوله : « كان للعدم شركة في إفادة الوجود ... » ـ : « تحرير هذا البرهان وتوضيحه على وجهه أنّ كلّ ممكن بما هو ممكن وباعتبار ذاته بذاته لا يكون إلاّ بالقوّة الصرفة ، وليس له بهذا الاعتبار استشمام رائحة من الفعل أصلا وهو ظاهر جليّ ، فلا بدّ أن يكون لكلّ ممكن مخرج من القوّة إلى الفعل ، ولا بدّ أن يكون ذلك المخرج ممّا هو مخرج من القوّة إلى الفعل بالفعل من كلّ الوجوه ، وإلاّ يلزم أن يكون للقوّة دخل في إخراج الشيء من القوّة إلى الفعل وهو باطل بالبديهة ، فيلزم أن يكون المخرج المذكور بالفعل من كلّ الوجوه ، والفعليّة من كلّ الوجوه إنّما هي صفة الأوّل تعالى شأنه ، فثبت من هذا أنّ مقتضي الفعليّة والوجود ليس إلاّ الواجب جلّ سلطانه.
__________________
(١) مضى تخريج الحديث في ص ٥١ و ٦٤.