الإرادة إذا كانت عين الذات كانت لازمة لها ، فلا يمكن الترك.
نعم ، الوجوب بالاختيار والإرادة التي هي غير زائدة على الذات لا ينافي القدرة والاختيار والإرادة على تفسير الحكماء ، بمعنى إن شاء فعل ، وإن لم يشأ لم يفعل ، لكن شاء في الأزل ، ففعل فيه بالمشيئة القديمة التي هي غير زائدة على الذات ولا على العلم بالنظام الأعلى.
والحاصل : أنّ انفكاك العلّة التامّة عن المعلول في الزمان محال ، فكيف حكم بانفكاك إرادة الواجب تعالى ـ مع كونها غير زائدة على الذات ـ عن تعلّقها بالمراد في الزمان كما حكم به المتكلّمون ، فاللائق بهذا المقام إيراد تحقيق شاف كاف يوجب طرح ما قيل فيه خلف قاف (١).
أقول : الإرادة الموجبة للتأثير هي المشيئة الزائدة الحادثة لا ما هو عين الذات كما مرّت إليه الإشارة ، فترتفع المنافاة ، مضافا إلى ما يقال من أنّ المعلول هو الأمر الذي يتعلّق به العلم بالأصلح وهو الحادث في الوقت المعيّن ، لا القديم الأزلي حتّى يلزم وجوده في الأزل ، فيلزم قدم العالم حتّى على القول بكون الإرادة زائدة قديمة ؛ لأنّ الأصلح بحال المعلول هو الوجود الحدوثيّ لا الأزليّ مع جواز (٢) كون الوجود الأزليّ ممتنعا كشريك البارئ ، فلا يصير متعلّق الإيجاد ؛ لنقص القابل لا الفاعل ، أو لاقتضاء تحقّق جزأي القدرة تعلّق المشيئة بالترك والعدم في الجملة ، فيصير ممتنعا بالعرض ، فلا يرد ما أورده جمال العلماء (٣) من أنّ الوجود الأزليّ للممكن إذا كان ممتنعا بذاته ، فذاته لا بدّ أن يقتضي العدم ، فإن اقتضى العدم مطلقا ، فيجب أن يكون معدوما دائما ، وإلاّ يلزم الانقلاب. وإن اقتضى العدم في وقت ، فآل الأمر إلى مدخليّة الوقت ، فلا بدّ من القول بقدم الزمان ، وحينئذ فلا حاجة إلى التمسّك بما ذكر ؛ إذ
__________________
(١) انتهى كلام الخفري.
(٢) هذا كلام أحد تلامذة السيد الداماد رحمهالله. انظر : « الحاشية على حاشية الخفري على الشرح الجديد » : ١٥٩ و ٣٤٩.
(٣) هو الآقا جمال الخوانساري رحمهالله. انظر المصدر السابق : ١٥٩.