انّ رفع الحكم واقعا منشأ للامتنان بالواسطة وإن لم يكن بالمباشرة ، وواضح انّ حديث الرفع لا يظهر منه إلاّ أنّه يريد رفع شيء يستلزم رفعه الامتنان ، انّ هذا المقدار هو الذي يظهر منه ولا يظهر منه انّ ما يرفعه لا بدّ وأن يكون موجبا للامتنان بنفسه ومن دون واسطة.
٢ ـ انّه لا يمكن أن يكون المقصود من حديث الرفع الرفع الحقيقي ؛ إذ لازم ذلك ارتفاع الأحكام واقعا عن الجاهل واختصاصها بالعالم.
وبتعبير آخر يلزم من إرادة الرفع الحقيقي تقييد الأحكام الواقعية بالعلم بها ، وواضح أنّ هذا شيء مستحيل ؛ إذ لا يمكن أن يقال : ثبوت الوجوب الفعلي للصلاة مثلا موقوف على العلم بالوجوب الفعلي للصلاة لأنّ لازمه الدور كما مرّ في القسم الأوّل.
وعليه فمن اللازم حمل الرفع على الظاهري حتّى لا يلزم محذور اختصاص الأحكام الواقعية بحالة العلم وبالتالي حتّى لا يلزم محذور الدور.
وقد تقول : انّه تقدّم سابقا وجود طريقة يمكن بواسطتها تخصيص الأحكام بالعالمين بأن يقال : تجب الصلاة بالوجوب الفعلي إن علمت بتشريع وجوب الصلاة ، إنّ هذه طريقة ممكنة ، أي يجعل ثبوت الحكم الفعلي ـ المعبّر عنه بالمجعول ـ موقوفا على العلم بالتشريع المعبّر عنه بالجعل ، فإنّ المستحيل هو تعليق ثبوت المجعول على العلم بنفس المجعول ، أمّا تعليق ثبوت المجعول على العلم بالجعل فهو ليس بمستحيل. وإذا كانت هذه الطريقة ممكنة فلا بأس بحمل الرفع على الرفع الواقعي لأنّه وإن لزم منه اختصاص الأحكام الواقعية بالعالمين بها إلاّ أنّه لا محذور فيه بعد إمكانه بهذه الطريقة.