العلم بالواقع واشتغال الذمّة به يقينا فيجب تفريغها اليقيني منه ، وذلك لا يحصل بالإتيان بطرف واحد لاحتمال انّ الواقع ثابت في الطرف الثاني فتجب الموافقة القطعية بالإتيان بهما معا.
هذا ويمكن مناقشة ذلك بأنّ العلم الإجمالي ينجز الجامع فقط حتّى بناء على تعلّق العلم بالواقع ، فإنّ المكلّف إذا حصل له العلم الإجمالي بوجوب الظهر أو الجمعة فعلمه هذا وإن كان متعلّقا بالواقع إلاّ أنّ هذا العلم المتعلّق بالواقع ليس كلّه وضوحا بل هو خليط من الوضوح والخفاء باعتراف الشيخ العراقي ، وحيثية الوضوح تتمثّل في الجامع وحيثية الخفاء تتمثّل فيما زاد على الجامع ، وما دام الوضوح ثابتا بالنسبة إلى الجامع فقط فالذي يتنجز هو الجامع فقط دون الواقع لأنّ التنجز يحصل بسبب الوضوح دون الخفاء ، فمقدار ما يتّضح يتنجز دون ما يخفى ، إذ البيان لا يصدق إلاّ بمقدار الوضوح ، والواقع بمقدار الجامع لمّا كان واضحا فيصدق عليه البيان ويتنجز ، وأمّا بالمقدار الزائد على الجامع فحيث انّه ليس بواضح فلا يصدق عليه البيان وبالتالي لا يتنجز.
والنتيجة من كل ما تقدّم : انّ العلم الإجمالي لا ينجّز إلاّ حرمة المخالفة القطعية ـ مقدار الجامع ـ على جميع الآراء في حقيقة العلم الإجمالي (١).
كان كلامنا سابقا في مقدار منجزية العلم الإجمالي في نظر العقل ، واتّضح
__________________
(١) وأمّا الرأي الثاني ـ القائل بتعلّق العلم بالمردّد ـ فهو امّا يرجع إلى التعلّق بالجامع أو إلى التعلّق بالواقع ، وعلى كلا التقديرين فالنتيجة واحدة