بإطلاقه المال والفعل ـ كما تقدّم بل المال هو مورد الآية ـ وواضح أنّ المال والفعل لا يؤتيهما الله سبحانه إيتاء تشريعيا بل إيتاء تكوينيا فهو لا يرزق المال ولا يعطي القدرة على الفعل بما هو شارع بل بما هو مكوّن وخالق.
وهل الآية الكريمة تثبت البراءة في خصوص حالة ما إذا فحص المكلّف عن الحكم ولم يعثر عليه أو تثبتها حتّى في حالة ما قبل الفحص؟ قد يتوهم انّ مقتضى إطلاق الآية الكريمة ثبوتها حتّى في حالة ما قبل الفحص ؛ إذ هي لم تقل إذا فحص المكلّف ولم يعثر على الحكم فحينئذ لا يكلّف الله بذلك الحكم بل هي من هذه الناحية مطلقة.
هذا ولكن الصحيح اختصاصها بحالة ما بعد الفحص لأنّ الحكم إذا كان موجودا في كتب الروايات بحيث يعثر عليه المكلّف لو فحص عنه فيصدق انّ الله قد آتى ذلك الحكم فإنّ إيتاء الحكم ليس هو بمعنى إيصاله بيد المكلّف مباشرة بل بمعنى جعله في مظان العثور عليه لو فحص عنه.
واستدل من القرآن الكريم أيضا بقوله تعالى : ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (١)
بتقريب أنّ المقصود من الرسول ليس هو خصوص النبي
__________________
(١) الإسراء : ١٥