قوله ص ١٨ س ١١ : لا شكّ في جريان ... : هذا إشارة إلى البحث الرابع من الأبحاث الأربعة التي يتكفّلها التمهيد. وحاصله : انّ الشكّ في الحكم الواقعي له شكلان فتارة يشكّ المكلّف في ثبوت الحرمة لشرب التتن واقعا من دون أن يحتمل وجود حجّة شرعية تدلّ على تحريمه ، واخرى يشكّ في حرمته واقعا ويحتمل وجود حجّة شرعية ـ كخبر الثقة مثلا ـ تدل على تحريمه (١).
أمّا في الشكل الأوّل فلا إشكال في أنّه تجري البراءة عن احتمال الحرمة الواقعية ، وإنّما الإشكال في الشكل الثاني حيث قد تسأل : هل نحتاج إلى إجراء البراءة مرّتين : مرّة عن الحرمة الواقعية المحتملة ومرّة اخرى عن الحجّية المشكوكة (٢).
وبكلمة اخرى : هل البراءة يختص إجراؤها بالأحكام الواقعية أو تجري
__________________
(١) الشكّ في وجود الحجّة الشرعية له نحوان ، فتارة يشكّ في أصل وجود خبر يدلّ على حرمة التتن ، واخرى يعلم بوجود الخبر ولكن يشكّ في حجّيته. والنحو الأوّل يسمّى بالشكّ في وجود الحجّة بنحو الشبهة الموضوعية ، والنحو الثاني يسمّى بالشكّ في وجود الحجّة بنحو الشبهة الحكمية
(٢) وتسمّى الحجّية بالحكم الظاهري ، فإنّ حجّية الامارة حكم ظاهري ، كما وأنّ حجّية الأصل حكم ظاهري أيضا