وعبروا عن هذا الحكم العقلي بقاعدة قبح العقاب بلا بيان (١). وتكاد أن تكون القاعدة المذكورة عندهم من الامور الواضحة التي لا ينبغي التشكيك فيها. وحاول البعض الاستدلال عليها. وننقل في هذا المجال استدلالين للميرزا وآخرين للشيخ الأصفهاني.
ما ذكره الميرزا من أنّ المقتضي للتحرك هو العلم فالإنسان إذا كان يعلم بوجود الأسد إلى جانبه يتحرّك فارا ، أمّا إذا لم يعلم به فلا يفرّ ، فالمحرّك إذن هو العلم. وعليه فإذا كان المكلّف عالما بحرمة شرب التتن فالمقتضي لتحرّكه نحو الامتثال موجود أمّا إذا لم يعلم بالحرمة فلا مقتضي لتحرّكه نحو الامتثال ، ومع عدم المقتضي للتحرّك نحو الامتثال يكون عقابه على مخالفة الحرمة التي لا يعلم بها عقابا على ما لا مقتضي للتحرك عنه وهو قبيح.
وقد تقدّم في الحلقة الثانية ص ٣١٥ الجواب عن البيان المذكور وأن كون المقتضي للتحرّك خصوص العلم أول الكلام وعين المتنازع فيه إذ كون المقتضي للتحرّك هو خصوص العلم فرع أن نقول أنّ الله سبحانه له علينا حقّ الطاعة في خصوص التكاليف التي نقطع بثبوتها وليس له حقّ الطاعة في التكاليف التي نحتمل ثبوتها ؛ إذ لو كان له حقّ الطاعة حتّى في التكاليف المحتملة فمعنى ذلك انّ احتمال ثبوت التكليف مقتض للتحرك أيضا وليس المقتضي للتحرّك خصوص
__________________
(١) المقصود من البيان خصوص العلم