بلحاظ لزوم محذور عقلي من ترخيص ارتكاب بعض الأطراف وعدمه ـ واخرى بلحاظ عالم الإثبات ، أي بلحاظ عالم الأدلة.
وقع البحث عن إمكان الترخيص ثبوتا ـ أي واقعا ـ في أحد الطرفين وهل هو ممكن لا يلزم منه محذور أو لا (١).
وينبغي أن يكون واضحا انّ هذا البحث لا معنى له على رأي من يقول
__________________
(١) قد يقال : ان طرح هذا البحث لغو إذ جريان الأصل في بعض الأطراف دون بعض ترجيح بلا مرجّح فلا يكون ممكنا.
والجواب : انّ لزوم الترجيح بلا مرجّح مانع إثباتي لأنّ معناه انّ دلالة دليل الأصل لا يمكن أن تشمل بعض الأطراف دون بعض لعدم المرجّح ، وكلامنا ليس في عالم الدلالة والإثبات بل في عالم الثبوت بقطع النظر عن دلالة الدليل ، فنحن نبحث هل يمكن واقعا ثبوت الترخيص في بعض الأطراف بقطع النظر عن دلالة الدليل أو لا يمكن ذلك في نفسه وبقطع النظر عن دلالة الدليل.
هذا مضافا إلى أنّه سنذكر فيما بعد بعض الحالات التي يكون جريان الأصل فيها مختصا ببعض الأطراف بدون معارضة ، كما لو فرضنا وجود إنائين رقم (١) ورقم (٢) نعلم إجمالا بنجاسة أحدهما ، ثمّ نفرض ان إناء رقم (٣) لاقى إناء رقم (٢) ، فبعد الملاقاة سوف يحصل علم إجمالي جديد بنجاسة امّا إناء رقم (١) أو مجموع رقم (٢) و (٣). وفي مثل هذه الحالة يتعارض أصل الطهارة في إناء رقم (١) مع أصل الطهارة في إناء رقم (٢) ، وبعد تعارضهما وتساقطهما نرجع إلى أصل الطهارة في إناء رقم (٣).
وقد توجّه بعض الاعتراضات إلى المثال المذكور نتعرّض لها فيما بعد إنشاء الله تعالى ص ٢٥٩