ثمّ إنّ الشيخ العراقي وإن لم يذكر برهانا على رأيه هذا إلاّ أنّه يمكن الاستدلال له بأنّ الإنسان العاقل بعد توجّهه إلى أنّ الجامع لا يمكن وجوده في الخارج بما هو جامع وكلي فلا يحتمل تعلّق علمه بالجامع ؛ إذ مع علمه وتوجهه إلى أنّ الجامع لا يمكن وجوده في الخارج فكيف يتعلّق علمه به بل لا بدّ من فرض انضمام خصوصية إلى الجامع ، وتلك الخصوصية هل هي كلية أو شخصية؟ فإن كانت كلية عاد المحذور السابق وهو تعلّق العلم بالأمر الكلي الجامع ، وإن كانت خصوصية شخصية فحيث لا يمكن أن تكون مردّدة لا ستحالة المردّد على ما سبق فيلزم أن تكون معيّنة ، وليست تلك الخصوصية المعيّنة إلاّ خصوصية الواقع ، وبذلك يثبت المطلوب ، وهو تعلّق العلم الإجمالي بالواقع.
وبعد اتّضاح الاتجاهات الثلاثة في تفسير حقيقة العلم الإجمالي نعود إلى الجواب الثالث الذي ربط حالة وجوب الموافقة القطعية بالآراء المذكورة.
انّ الجواب الثالث كان يقول بناء على تعلّق العلم الإجمالي بالجامع فالذي يتنجز هو الجامع فقط ، وإذا اشتغلت الذمّة يقينا بالجامع فاللازم تفريغها اليقيني منه ، وذلك يحصل بالإتيان بطرف واحد لأنّ الجامع يتحقّق بوجود طرف واحد. وأمّا على القول بتعلّق العلم الإجمالي بالواقع فالذي يتنجّز كلا الطرفين لأنّه بعد
__________________
ـ ويقصد بذلك الميرزا النائيني ـ تعلّق العلم الإجمالي بالجامع وانّه لا فرق بين العلم الإجمالي والعلم التفصيلي من حيث العلم وإنّما الفرق بينهما من حيث المعلوم. ثمّ أخذ في ردّ ذلك