وبتعبير آخر : انّ ما يدفع به التنافي بين الحكم الظاهري والواقعي في سائر الموارد يدفع به التنافي في المقام إذ النجاسة ظاهرية والطهارة واقعية.
وأمّا البيان الثاني فلأنّ الطهارة لا تقتضي إطلاق العنان ما دام موضوعها مردّدا بين الإنائين ، فإنّ الطهارة لا يعلم ثبوتها في هذا الإناء أو في ذاك الإناء ، وما دام لا يعلم ثبوتها في إناء معيّن فلا تقتضي إطلاق العنان ؛ إذ لو كانت تقتضي ذلك فهي امّا أن تقتضي جواز ارتكاب كلا الإنائين ، وهو باطل جزما لأنّ أحدهما نجس لا يجوز ارتكابه ، أو تقتضي جواز ارتكاب أحدهما فقط ، وهو باطل أيضا لأنّه ترجيح بلا مرجّح.
هذا كلّه في المحذور الثبوتي ، وقد اتّضح بطلانه.
وأمّا المحذور الإثباتي فقد ذكر الشيخ الأعظم قدسسره في الرسائل انّ دليل الاستصحاب قاصر الدلالة عن الشمول لجميع أطراف العلم الإجمالي للزوم التهافت بين صدره وذيله ، فإنّ بعض روايات الاستصحاب ورد فيها ذيل وهو « ولكن انقض اليقين باليقين » فالرواية هكذا : « لا تنقض اليقين بالشكّ ولكن انقض اليقين باليقين » ، انّ هذه الرواية لها صدر ، وهو الفقرة الاولى أي « لا تنقض اليقين بالشكّ » ولها ذيل وهو الفقرة الثانية أي « ولكن انقض اليقين باليقين ».
ولو نظرنا إلى الإناء الأوّل بخصوصه رأينا فيه يقينا سابقا بالنجاسة وشكّا لا حقا بالطهارة ، وهكذا لو نظرنا إلى الإناء الثاني رأينا فيه ذلك ، ولازم ذلك