أن تكليف الناسي مردد بين الأقل والأكثر ، وبما أنّه مكلّف جزما بالتسعة التي أتى بها ويشك في تكليفه بالجزء العاشر فتجري البراءة لنفيه.
بل إنّ جريان البراءة في المقام أولى من جريانها في الحالات الاخرى كحالة التردد في أصل جعل الجزئية والشرطية ، فإنّ المتردد في أصل جعل جزئية السورة في التشريع الإسلامي يتشكل لديه علم إجمالي امّا بوجوب التسعة أو بوجوب العشرة ، ولربما يقال بمنجزية العلم الإجمالي المذكور. ولكن لئن سلمنا بمنجزية العلم الإجمالي المذكور فلا يمكن التسليم بمنجزيته حالة النسيان ، فإنّ الناسي يتشكل لديه العلم الإجمالي بعد الإتيان بأحد الطرفين ـ أي بعد الإتيان بالأقل ـ ، فبعد ارتفاع النسيان عنه يحصل له علم إجمالي امّا بوجوب التسعة التي أتى بها أو بوجوب العشرة ، ومثل العلم الإجمالي المذكور لا يمكن أن يكون منجزا لعدم تعارض الاصول في اطرافه ، فإنّه بعد الإتيان بالتسعة لا معنى لإجراء البراءة عن وجوبها بل تجري عن وجوب العشرة فقط بلا معارض.
وباختصار : إنّ العلم الإجمالي حالة النسيان بما أنّه يتولد بعد الإتيان بأحد طرفيه فلا يكون منجزا ، بخلافه في صورة الشكّ ، فإنّ العلم الإجمالي يتولد قبل الإتيان بأحد طرفيه فيمكن أن يقال بمنجزيته وإن كنا لا نقبل ذلك باعتبار أنّ وجوب الأقل متيقن ووجوب الزائد منفي بالبراءة.
اذا فرض العلم بجزئيّة جزء معين أو شرطيّته وتعذّر على المكلّف الإتيان به ـ كما لو تعذر تحصيل الطهارة للصلاة بكلا فرديها المائيّة والترابيّة ـ فهل يسقط