وهذا شيء وجداني فإنّ الحرمة لا تثبت للكذب بعد وجوده فليس من الصواب أن نقول انّه لا بدّ من وجود الكذب أوّلا ثمّ توجد الحرمة بل الحرمة ثابتة قبل وجود الكذب ، فكل كلام يصدق عليه الكذب على تقدير وجوده فهو حرام قبل وجوده أيضا.
وعلى ضوء هذا يتّضح انّ الصياغة النهاية لميزان الشكّ في التكليف هو أن يكون الشكّ في قيد التكليف ، والشكّ في قيد التكليف له أشكال ثلاثة : ـ
أ ـ أن يشكّ في أصل تحقّق القيد. ويسمّى بالشكّ في تحقق القيد بنحو مفاد كان التامة ، كالشك في تحقق البلوغ أو الشكّ في تحقّق الزلزلة التي هي قيد في وجوب صلاة الزلزلة.
ب ـ انّ يشكّ في الموضوع بنحو مفاد كان الناقصة ، كما لو شكّ في اتصاف
__________________
ـ والآخر يقتضي البراءة.
أمّا بيان الاشتغال فهو انّ المكلّف حيث يقطع باشتغال ذمّته بحرمة الكذب فلأجل تحصيل اليقين بفراغها يلزمه ترك ما يشكّ في كونه كذبا.
وبيان البراءة أنّ الحرمة حيث انّها ثابتة لما يتّصف بكونه كذبا على تقدير وجوده فالكلام المشكوك تجري البراءة عن حرمته لعدم إحراز اتصافه بوصف الكذب على تقدير وجوده.
والبيان الثاني هو الوجيه. أجل البيان الأوّل يتمّ في باب الواجبات فإذا وجبت الصلاة على المكلّف وشكّ في صدورها منه جرى الاشتغال.
وعليه فالمناسب هو التفصيل بين باب المحرّمات فتجري البراءة عند الشكّ في المتعلّق للبيان الثاني وبين باب الواجبات فيجري الاشتغال للبيان الأوّل