فيما إذا لم يجزم بمطلوبية العمل العبادي (١).
وقد يجاب عن الشبهة المذكورة بأنّ قصد القربة عند الإتيان بالركعتين وإن كان يتوقّف على وجود أمر جزمي غير انّا ندّعي وجوده وتحققه ، وذلك الأمر الجزمي هو الأمر الاستحبابي بالاحتياط فإنّ مثل « أخوك دينك فاحتط لدينك » الذي تمسّك به الإخباري لإثبات وجوب الاحتياط يدل في نظرنا على استحباب الاحتياط ، وبعد ثبوت هذا الأمر الاستحبابي يمكن الإتيان بالركعتين بقصد امتثال هذا الأمر الجزمي.
وقد يشكل بأنّ هذا الأمر الاستحبابي المتعلّق بالاحتياط توصلي (٢) ، وما دام توصليا فكيف يجب قصد امتثاله؟
وفيه : ان لزوم قصد امتثاله لم ينشأ من كونه أمرا عباديا ليقال انّه توصّلي وليس بعبادي وإنّما نشأ من جهة انّ صلاة الركعتين على تقدير كونها مطلوبة واقعا فهي عبادة ، فلأجل أن تتحقق العبادة التي نحتمل أنّها مطلوبة واقعا يلزم قصد الأمر الاستحبابي بالاحتياط ، فلزوم قصده ليس إلاّ من هذه الجهة وليس
__________________
(١) ينبغي أن يكون واضحا انّ هذا الإشكال يختص بما إذا كان العمل عباديا ، وأمّا إذا كان توصليا فالإتيان به على وجه الاحتياط ممكن دون أي محذور إذ لا يلزم في العمل التوصّلي قصد القربة ليقال انّ الإتيان به بقصد القربة غير ممكن
(٢) بدليل انّ استحباب الاحتياط يسقط بمجرّد تحقّق الاحتياط وإن لم يكن بقصد القربة ، فمن ترك التدخين تحقّق منه الاحتياط وسقط عنه الأمر بالاحتياط وإن لم يكن تركه للتدخين بقصد امتثال الأمر المذكور