إذن النتيجة في كلتا المعارضتين بعد هذا البيان هي في صالح الاصولي.
ثمّ انّه بعد أن عرفنا انّ النسبة في مقام المعارضة هي العموم من وجه والمقدم هو دليل البراءة امّا لأنّه قرآني أو لموافقته لمضمون القرآن الكريم نقول : لو قطعنا النظر عن هذا الوجه للتقديم فمع ذلك تكون النتيجة في صالح الاصولي وليست في صالح الإخباري ؛ إذ دليل البراءة ودليل وجوب الاحتياط بعد تعارضهما يتساقطان ، وبعد التساقط نرجع إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان ـ وبذلك تثبت البراءة أيضا ـ إن كنّا من القائلين بالقاعدة المذكورة ، وإن كنّا من المنكرين لها فنرجع لإثبات البراءة إلى استصحاب البراءة الثابتة قبل التشريع أو قبل البلوغ فإنّ دليل الاستصحاب عامّ يدل على جريان الاستصحاب في كل حالة متيقّنة سابقة ، وأدلة وجوب الاحتياط جاءت وخصّصت عموم دليل الاستصحاب وأثبتت أنّ الاستصحاب لا يجري لإثبات البراءة ـ فإنّ الحكم عند الشكّ في ثبوت التكليف هو الاحتياط دون البراءة ـ ولكن حيث انّ هذا المخصص الدال على وجوب الاحتياط معارض بأدلة البراءة فلا يمكن الأخذ به فيبقى الدليل العام وهو دليل حجّية الاستصحاب سالما من المخصّص ويجري لإثبات البراءة بلا مزاحم.
ذكرنا سابقا انّ أدلة البراءة اعترض عليها باعتراضين أساسيين. وكان حديثنا إلى الآن يدور حول الاعتراض الأوّل.
وأمّا الاعتراض الثاني ـ الذي يقول انّ أدلة البراءة ناظرة إلى إثبات البراءة في الشبهات البدوية بينما الشبهات التي بأيدينا والتي نريد إجراء البراءة