الشمول للشبهات الحكمية والموضوعية إلاّ أنّه خاص من جهة اختصاصه بموارد الشبهة البدوية ولا يعمّ موارد العلم الإجمالي ؛ إذ في موارد العلم الإجمالي يكون التكليف معلوما ، والحديث ناظر إلى موارد عدم العلم أي موارد الشكّ حيث يقول : « رفع عن امّتي ما لا يعلمون » فما لا يعلم ـ وهو التكليف المشكوك ـ هو المرفوع.
هذا بالنسبة إلى حديث الرفع.
وأمّا بالنسبة إلى أدلة وجوب الاحتياط فالأمر فيها كذلك أيضا فهي وإن كانت خاصّة بالشبهات الحكمية إلاّ أنّها عامة للشبهة البدوية والشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ولا تختص بموارد الشبهة البدوية.
ومادة الاجتماع هي الشبهة البدوية الحكمية (١) ، وفي مثلها يحصل التعارض بين حديث الرفع وأدلة وجوب الاحتياط ، فحديث الرفع ينفي وجوب الاحتياط بينما أدلة وجوب الاحتياط تثبت وجوب الاحتياط والمقدّم هو حديث الرفع لأنّ مضمونه موافق للقرآن الكريم ـ أي لقوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها ) فإنّ مقتضى إطلاقه للتكليف هو انّ التكليف إذا لم يؤت فهو غير ثابت ـ والموافق لكتاب الله سبحانه مقدّم على المخالف عند المعارضة.
وهذه النتيجة هي في صالح الاصولي أيضا حيث انّه يريد إثبات البراءة في الشبهة الحكمية البدوية.
__________________
(١) وهي المادة الواقعة محلا للنزاع بين الاصولي والإخباري فإنّ نزاعهما في الشبهة الحكمية البدوية ؛ إذ الشبهة الموضوعية لا إشكال في جريان البراءة فيها ، والشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي لا إشكال في وجوب الاحتياط فيها