وبهذا ننهي الحديث عن التمهيد المتكفل للأبحاث الأربعة السابقة ونأخذ بالتحدّث عن الاصول العملية.
انّ مورد جريان الاصول العملية هو الشكّ في التكليف. والشكّ في التكليف تارة لا يكون مسبوقا بحالة سابقة متيقنة واخرى يكون مسبوقا بذلك. فإن كان مسبوقا بذلك فهو مورد الاستصحاب ويأتي البحث عنه مفصّلا ص ٢٠٥ من الحلقة ، وإن لم يكن مسبوقا بذلك فهو مورد الاصول العملية الثلاثة ، أي التخيير والاحتياط والبراءة. ونتحدّث أوّلا عن الحالة الثانية ، أي التي لم يسبق فيها الشكّ باليقين. وهي تتضمّن الصور التالية : ـ
١ ـ حالة الشكّ البدوي ، أي حالة الشكّ في التكليف التي لا تكون مقرونة بالعلم الإجمالي كالشكّ في حرمة شرب التتن. وهذه مورد أصالة البراءة.
٢ ـ حالة الشكّ المقرونة بالعلم الإجمالي بأنّ يعلم بثبوت التكليف ولكن يشكّ في تعلّقه بهذا أو بذاك ، كما لو فرض العلم بثبوت الوجوب يوم الجمعة وشكّ في تعلّقه بصلاة الظهر أو بصلاة الجمعة ، وكما لو علم بوجوب صلاة الصبح مثلا وشكّ في أنّ أجزائها عشرة ـ بحيث تكون جلسة الاستراحة جزء أيضا ـ أو تسعة ليس معها جلسة الاستراحة فأصل الوجوب معلوم ولكن لا يعلم تعلّقه بعشرة أو بتسعة. وهذه الحالة ـ أي حالة الشكّ المقرون بالعلم الإجمالي ـ هي