موجودا ـ والواقع كذلك حيث انّ خصوصية الظهر والجمعة بما أنّها غير معلومة فيشملها حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ـ حكم العقل بالبراءة في كل طرف بلا معارضة ، إذ المعارضة في الأحكام العقلية غير ممكنة ، فإنّ العقل لا يمكن أن يحكم بحكمين متعارضين. وإن لم يكن موجودا فلا يحكم العقل أصلا حتّى يلزم التعارض.
وإن كان المقصود الثاني فهو صحيح ولكن بعد تساقط الاصول الشرعية يمكن الرجوع إلى البراءة العقلية لنفي احتمال التكليف في كل طرف.
وبهذا اتضّح انّ أنصار قاعدة قبح العقاب بلا بيان يلزمهم القول بعدم وجوب الموافقة القطعية للعلم الإجمالي فلا يلزم الإتيان بالظهر والجمعة معا بل يكفي الإتيان بواحدة ، إذ بعد تعارض الأصل الشرعي في كل طرف بالأصل الشرعي في الطرف الثاني يرجع إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، انّه يلزم هذا والحال انّ الحسّ العقلائي والمتشرعي يقضي بوجوب الإتيان بكلا الطرفين ويرفض رفضا باتّا الاكتفاء بأحدهما. وهذا بنفسه منبه واضح على بطلان قاعدة قبح العقاب ، فكل من قال بالقاعدة المذكورة يلزمه القول بعدم وجوب الموافقة القطعية المرفوض لدى الحسّ العقلائي والمتشرعي (١).
__________________
(١) لم نعثر على قائل بعدم وجوب الموافقة القطعية إلاّ صاحب المدارك فإنّ الشيخ الأعظم في رسائله ص ٢٤٨ من الطبع القديم المحشى بحواشي رحمة الله نسب إليه عدم وجوب الموافقة القطعية