والنتيجة النهائية من كل ما سبق انّ البراءة لا تجري في الأحكام الظاهرية ـ أي الحجّية المشكوكة ـ بل تختص بنفي احتمال الأحكام الواقعية.
وقد تسأل هل يمكن أن يجري الاستصحاب في الأحكام الظاهرية أو لا يجري فيها كما لم تجر البراءة فيها؟
والجواب : نعم الاستصحاب يجري في الأحكام الظاهرية ، فلو كانت ظواهر القرآن الكريم مثلا متيقّنة الحجّية زمن الأئمّة عليهمالسلام وشكّ في بقائها على الحجّية زماننا هذا من جهة احتمال نسخها ـ حجّية الظواهر ـ جرى استصحاب بقائها. وعليه فالاستصحاب يجري في الحجّية وإن كانت البراءة لا تجري لنفيها.
وقد تقول : لماذا لا يجري استصحاب في الحكم الواقعي المدلول لظواهر الكتاب الكريم وبذلك نكون في غنى عن إجراء الاستصحاب في حجّية الظواهر ، فمثلا لو فرض أنّ ظاهر القرآن الكريم يدلّ على وجوب صلاة الجمعة فبإمكاننا الاستغناء عن استصحاب بقاء حجّية الظواهر بإجراء الاستصحاب في نفس وجوب الجمعة.
والجواب : انّ هذا كلام متين ولكن قد يفرض أحيانا أنّ الاستصحاب لا يمكن جريانه في الحكم الواقعي من جهة اختلال بعض أركانه ـ كما لو قيل بأنّ الاستصحاب لا يجري في الأحكام التكليفية كالوجوب مثلا ويختص جريانه بالأحكام الوضعية التي منها الحجّية ـ فيتعين إجراؤه في نفس الحجّية.