وفي البحث عن منجزية العلم الإجمالي نتكلّم عن ثلاثة امور : ـ
١ ـ إذا علم المكلّف إجمالا يوم الجمعة أمّا بوجوب الظهر أو الجمعة مثلا فنسأل : ماذا يحكم العقل ـ وبقطع النظر عن أي دليل شرعي على البراءة ـ بالنسبة للعلم الإجمالي فهل يحكم بأنّه منجز أو لا؟ وإذا حكم بكونه منجزا فهل يحكم بكونه منجزا لكلا الطرفين بحيث يلزم الإتيان بالظهر والجمعة معا ـ وهذا ما يعبّر عنه بوجوب الموافقة القطعية ـ أو يحكم بكفاية الإتيان بأحدهما ، وهذا ما يعبّر عنه بحرمة المخالفة القطعية.
٢ ـ لو فرض أن العقل حكم بكون العلم الإجمالي منجزا بمعنى لزوم الإتيان بالظهر والجمعة أو لا أقل لزوم الإتيان بأحدهما فنسأل : لو رجعنا إلى أدلة البراءة الشرعية من قبيل « رفع عن امّتي ما لا يعلمون » فهل يمكن أن نستفيد منها موقفا آخر غير ما انتهى إليه العقل كأن يستفاد منها جواز ترك كلتا الصلاتين باعتبار أن كل واحدة منهما لما لم تكن معلومة الوجوب بالخصوص فيكون وجوبها مرفوعا ولازم ذلك جواز المخالفة القطعية (١).
__________________
(١) قد يقال بعدم إمكان تطبيق دليل البراءة على كلا الطرفين لأنّ لازمه الترخيص في المعصية القطعية وهو قبيح.
وقد يقال انّ المحذور المذكور لا يلزم ولكن بالرغم من ذلك لا يمكن تطبيق دليل البراءة على كلا الطرفين باعتبار قصوره عن الشمول للطرفين لقرينة خاصة يدعى اتصالها به.
والمحذور بشكله الأوّل يسمّى بالمحذور الثبوتي ، وبشكله الثاني بالمحذور الإثباتي ، وقد تقدّم ذلك في القسم الأوّل ص ٥٨